بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2938)
الأخ: مدير مكتب أوقاف طرابلس.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة؛ وبعد:
فبالإشارة إلى مراسلتكم، بخصوص قيام أحد أبناء المستأجرين ببناء دورٍ ثانٍ على وقف، وهو بيتٌ ومحلّ، وألغى المحلّ، وجعلَه دارًا للسُّلّم، وعندما طلبتم منه جعل السلم في حجرة من حجرات البيت الأرضيّ، بدلًا مِن المحل الذي تمّ إلغاؤُه؛ مَانَعَ، متحجّجًا بأنّ البيت صغيرٌ، وحجراتُه قليلةٌ، وبذلكَ يضيقُ على والدِه، فاقترحتُم عليهِ تعويضَ والدِه بحجرةٍ مِن البيتِ العلويّ، فما الحكمُ الشرعيّ في ذلكَ؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن أحباس المسلمين يجب الحفاظ عليها، ولا يجوزُ لمن يستعملها – بالإيجار أو غيره – التصرف فيها بتبديلٍ أو تغييرٍ، أو زيادةٍ أو نقصانٍ، إلّا بإذنِ ناظرِ الوقف، بما يراه يحققُ مصلحةَ الحبس، قال الله ) :fفَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الذِينَ يُبَدِّلُونَهُ( [البقرة:181].
وعليه؛ فلا يجوز للمستأجر تغييرُ عقار الوقفِ، ولا البناءُ عليه، دون إذنٍ مِن الناظرِ، وهو الهيئة العامةُ للأوقاف، وتغييرُ المستأجرِ للعقار حسب هواه – مراعيًا مصلحتَه الخاصة، ومصلحةَ أسرته، بفرضِ الأمر الواقع – دون إذنٍ؛ هوَ مِن العدوانِ على أملاكِ الوقفِ، وهو إثمٌ ومعصيةٌ، ومِن التعدي على حدودِ الله، قال الله تعالى: )وَمَنْ يَّعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ نُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ( [النساء:14].
وعلى الناظرِ ألّا يتهاونَ في الحفاظِ على أملاك الوقف – كما أنّه لا يتهاون في الحفاظ على أملاكه الخاصة – ولا يسمحَ للمستأجرينَ بالتلاعبِ بها، وعليه أنْ يفعلَ في سبيلِ ذلكَ كلّ ما يمكنُه لحفظِها وسلامتِها؛ كالاتجاهِ إلى القضاءِ ونحوه، لإبراءِ ذمتِهِ، وإلّا كانَ مفرّطًا، معرضًا نفسَه للعقوبةِ والمساءَلَة، فإنّ اللهَ استرعاهُ على أملاك الوقفِ، وصدقاتِ المسلمين، فإنْ حفظَها وحافظَ عليها كانَ في مرضاةِ الله، وإنْ ضيّعها فإنّ الله تعالَى سائلُهُ عمّا استرعاهُ؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألَا فكُلّكم راعٍ، وكلُّكُم مسؤولٌ عن رعيتِهِ( [البخاري:2416]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الكوحة
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
02/شعبان/1437هـ
09/مايو/2016م