حكم التهرب من سداد فواتير شركة المياه والصرف الصحي
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2939)
الإخوة: الشركة العامة للمياه والصرف الصحي.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة؛ وبعد:
فبالإشارة إلى مراسلتكم، بخصوص عدم سدادِ غالبية المستهلكين، من شريحة الاستهلاك المنزلي، لفواتير استهلاكهم للمياه، ورفض بعضهم استلام فواتير وإشعارات السداد من البداية، وقيام بعض المواطنين بربط المياه لمنازلهم بشكل غير قانوني، مما أثر في قدرة الشركة على مجابهة مصروفات التشغيل، وانعكاس ذلك على مستوى الخدمات؛ لأن هذه الرسوم تعتبر المصدر الأساسي لتغطية مصروفات الشركة المختلفة؛ من مرتبات المستخدمين، وصيانة الشبكات والمحطات، وغيرها، وطلبكم الإفادة بالرأي الشرعي، حول السلوكيات الخاطئة التي تُمارس من قبل المواطنين، في التهرب من دفع قيمة الفواتير، وسرقة المياه بطريقة غير قانونية.
والجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فسرقة المياه – سواء أكان ذلك بالتحايل والتهرب من دفع الفواتير المستحقة، أم بالتلاعب بالعدادات والشبكات، وجعل التوصيلات غير الشرعية – هو مِن التعدي والغلول المحرم، وأكل الأموال العامة بالباطل، قال الله سبحانه وتعالى: )وَمَنْ يَّغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ( [آل عمران:161]، وقال سبحانه: )إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا( [النساء:58]، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنَّ رجالًا يتخوضونَ في مال اللهِ بغير حقّ، فلهمُ النارُ يومَ القيامة، لا يبالي أخذَ مِن حَلالٍ أو مِن حرامٍ) [البخاري:351].
ويجب على كلّ مَن عليه مستحقاتٌ للخزينة العامة، أنْ يُسارعَ في سدادِها؛ إبراءً لذمتهِ، قبل أن يأتيَ يوم لا ينفعُ فيه مالٌ ولا بنون، فقد توعّدَ النبيّ صلى الله عليه وسلم كلَّ مَن غلّ مالًا بغير حقٍّ، أنّه يأتي بهِ يوم القيامة، مهما كثرَ وتعدّدَ، يحملُه على رقبتِه، وحذرَ مِن ذلك، فقال: (لَا أَلْفِيَنّ أحدَكُم يجيءُ يومَ القيامة على رقبتِهِ صامِت – المالُ من الذهبِ والفضة – فيقولُ: يا رسولَ الله، أغثْني، فأقولُ: لا أملكُ لك شيئًا، قد أبلغتُك) [مسلم:1831].
وعلى مَن تورّطَ في شيءٍ مِن الأموالِ العامةِ، المتعلقةِ بالمياه أو الكهرباءِ، أو الأراضي والمقرّات، أو الغابات، أو غير ذلك، التوبة إلى اللهِ تعالى مِن ذلك، ومِن شروطِ التوبةِ؛ أداء الحقِّ وردّه، والتخلصُ مِن الحرامِ، بالتواصلِ مع الجهاتِ المسئولةِ، وتصحيحُ الأوضاعِ، بأخذِ الإذنِ، واتباعِ ما يلزمُ من إجراءاتٍ، ودفعِ المستحقاتِ والديونِ، وردّ الأملاك العامةِ إلى جهاتِ الاختصاص؛ إبراءً للذمّةِ، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الكوحة
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
02/شعبان/1437هـ
09/مايو/2016م