بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5668)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
في يوم السادس والعشرين من شهر رمضان الماضي، كنت أتنزه مع زوجتي لاقتناء ملابس العيد، ونظرًا لتأخر ورود مرتبي طلبتُ منها مالًا، حيث إنها طبيبة، فأحسستُ بعدم رضاها وضحكْتُ، فحدثتْ مشادةٌ كلاميةٌ بيننا، جعلتني في غاية العصبية، حتى ضربتُ يدي على عجلة القيادة فتشعب، ولم أكن مدركًا لما يخرجُ من فمي من كلام، إلى أنِ انتهت المشادةُ، وهدأتْ نفسي بعضَ الشيء، فحاولت التفكير فيما جرى، فشككتُ أني قلت لها اليمين بالطلاق ثلاثا: “علي اليمين طلاق ثلاثة”، فسألتُ زوجتي عن ذلك لأتأكدَ، فأكدتْ لي ذلك، وأخبرتني بتتمة الكلام، وهو حسبَ قولها: “علي اليمين طلاق ثلاثة لو جبتيلي سيرة معاشك بينا إنتِ طالق، حتى نستحق نتسلف من حد ثاني، منبيشي يخش حتى حوشي، وحتى لنفسك لا، ودبري تصدقيه ولا اعطيه لأهلك”، ولم يقع شيء من الأمور المذكورة حتى الآن، فهل يجوز لزوجتي استعمال مرتبها في أمورها وأمور أهلها؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالمطلقُ الذي لا يعي ما يقول، ولا يشعرُ بما صدر منه؛ طلاقه لا يقع؛ لأنه حينئذ في حكم المجنونِ فاقدِ العقل، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (رُفِع القلمُ عن ثلاثةٍ: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتَلم، وعن المجنونِ حتى يَعقل) [الترمذي:1423]، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا طلاقَ ولا عتاقَ في إغلاقٍ) [أحمد: 53/314]، وقال الصاوي رحمه الله: “يلزم طلاق الغَضْبَان، ولو اشتدَّ غضَبُه، خلافًا لبعضهم، وكل هذا ما لم يَغِب عقلُه، بحيث لا يشعُر بما صدرَ منه، فإنه كالمجنون” [بلغة السالك: 2/351].
عليه؛ فالطلاق غير لازم للزوج إن وقع المعلق عليه، ويمكن للزوجة استعمال مرتبها لنفسها وأهلها، لكن ليعلم الزوج أنَّ عدم وقوع الطلاق بوقوع المعلق عليه متوقِّفٌ على صدقِه فيما أخبرَ به، مِن عدمِ إدراكه لما وقعَ منه مِن التلفُّظِ بالطلاق، أمَّا إن كان الواقعُ خلافَ ما ذَكَر، بأن كان مدركًا لما وقَع منه؛ فإنّ هذه الفتوى لا تفيدُه؛ والطلاقُ لازمٌ له إنْ وقعَ شيءٌ من المعلق عليه، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
03//ذو الحجة//1445هـ
09//06//2024م