حكم تحديد سقف قليلٍ للسحب عبر آلات السحب في المصارف
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5673)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
ما حكم تحديدِ سقف قليلٍ للسحبِ عبر آلاتِ السحب، فيضطرُّ الزبونُ للسحب أكثر مِن مرة، وتزيدُ بذلك الخصومات؟ وما حكم توزيع السيولة عبر آلات [P.O.S.] بدل أن تكون بالصكوك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فمنعُ المصرفِ زبائنَه مِن سحبِ الأموالِ التي يريدونها دفعةً واحدةً، إن كانَ له أسبابٌ حقيقيةٌ، تمنع المصرف من ذلكَ؛ كعدمِ توفرِ السيولةِ الكافية، بحيث يحدد السقف في كلِّ يومٍ أو أسبوعٍ أو شهر، بقدرٍ لا يُسمح بتجاوزهِ؛ لأجلِ العدل في التوزيع بين الناس، فهذا التحديدُ لا حرجَ فيه؛ لأنه عدلٌ، والعدل مطلوبٌ.
أما إذا كان الغرضُ منه تحايلُ المصرف على جبيِ عمولاتٍ من الزبائنِ؛ لمضاعفة دخلهِ، والتربحِ من تكرارِ المعاملة، فهذا لا يجوز؛ لأنه من الخداعِ والتحايلِ على أكل أموالِ الناس بالباطل، وذلك كما إذا كانت السيولةُ متوافرةً في المصرف، ويمكن لمن طلبَ مائةً مثلًا صرفُها مرةً واحدةً، ولكن المصرف يجبرُه على أن يصرفها على مرتينِ؛ ليأخذ عمولةً على كلّ مرة، أو كان بإمكان المصرف صرفُها عن طريق الصك، فيمنعُ زبونه من ذلك، ويُحوِجُه إلى أن يصرفَها عن طريق الآلةِ الموجودة داخلَ المصرف، حيثُ إن الصرف عن طريق الصك مجانيٌّ، وعن طريق الآلة الموجودة داخل المصرفِ غير مجاني، بل يأخذ عليه عمولةً، فهذا تحايلٌ ممنوع، من المكر والخديعة، والنبي صلى الله عليه وسلم: يقول: (الْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ وَالْخِيَانَةُ فِي النَّارِ) [الجامع لابن وهب: 487].
وهذا يختلف عن العمولة التي يأخذها المصرف عن طريق الصرافِ الآلي، الموجودِ خارجَ المصارف، فإنَّ أخذَ الأجرة على السحبِ منه جائزة؛ لأنها أجرةٌ على خدمةٍ تقدم طول الوقت، مدة الدوام وبعدَه، لكن يجبُ على المصرف الحذرُ من التحايلِ في السحبِ عن طريقها، بأن يفرِض على الزبون عند استعمال الآلة تكرار السحب، بدلَ أن يصرف له ما طلبه الزبون دفعة واحدة؛ ليتكرر أخذ العمولة، فهذا لا يحل، أما إذا سلمتْ من هذا التحايل، فلا حرجَ في أخذ العمولة المعتادة أجرةً على السحب منها، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
04//ذو الحجة//1445هـ
10//06//2024م