بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5684)
السيد المحترم/ المدير التنفيذي لمغسلة د . ح لتجهيز الموتى.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة، وبعد:
فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة السؤال عن حكم حمل وتقليب جثمان المرأة الثقيلةِ عند تغسيلها، من قبل رجالٍ أجانبَ عن المتوفاة، حيثُ إنه لا يوجدُ معها إلا رجلٌ محرمٌ واحدٌ، ولا تستطيع المغسّلاتُ حملها وتقليبها، فيحتجنَ للاستعانة برجالٍ أجانبَ في الحملِ والتقليب.
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فإنْ لم يستطعِ النساء تقليبَها ولا المحرمُ وحده من وراء حائل، أو معهنَّ مِن ذلك، فلا يجوزُ أن يمسَّها أجنبيٌّ عنها؛ لأن حرمتَها وهي متوفاةٌ كحرمتِها وهي حيةٌ، إلَّا ما استثني للضرورةِ، فلا يُقاس عليه غيرُه، كما ذكروا في الأجنبي، فإنّه لا يغسل الأجنبية، بل يُيمِّمُ أطرافهَا إذا لم يوجدْ محرَمٌ أو نساء، جاء في المعيار عن جوابٍ لابنِ مرزوقٍ رحمه الله: “إِنَّمَا أَبَاحُوا هَذَا التَّيَمّم لِلضَّرُورَةِ إِلَى تَحْصِيلِ طَهَارَةِ هَذَا الْمَيّتِ الَّذِي لاَ تُرْجَى لَهُ طَهَارَةٌ بَعْدَهَا… وَمَا وَجَبَ لِلضّرُورَةِ قُيّدَ بِقَدرهَا، وَلمّا كَانَ التّيمّم يَنُوبُ عَنِ الطّهَارَتَيْنِ عِندَ الضّرُورَةِ اقْتُصِرَ عَلَيهِ فِي هَذَا الْمَحَلّ جَمْعاً بَينَ مَصْلَحَةِ الْمَيّتِ وَمَصْلَحَةِ الْمَنْعِ مِن مَسّ الْأَجَانِبِ، وَكَانَ تَيَمّم الْمَرْأَةِ إِلَى الْكُوعِ اقْتِصَاراً عَلَى أَقَلّ مَا يُجْزِئُ فِي التَّيَمم، لِأَنّ طَلَبَ السّترِ فِي حَقّهَا بِالنّسْبَةِ إِلَى الرَّجُلِ آكَدُ مِنْهُ فِي حَقّ الرَّجُلِ بِالنّسْبَةِ إِلَيْهَا” [المعيار المعرب: 1/307]، وكما في إنزالها القبر، جاء في النوادر: “وَيَلِي إِنْزَالَ الْمَرْأَةِ فِي قَبْرِهَا مَعَ زَوْجِهَا مَنْ حَضَرَ مِنْ ذَوِي مَحَارِمِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا، فَمَنْ حَضَرَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ، وَلْيَكُونُوا فِي أَعْلَاهَا، وَالزَّوْجُ فِي أَسْفَلِهَا، فَإِن لَمْ يَكُنْ زَوْجٌ، فَأَقْرَبُهُمْ إِلَيْهَا مِن ذَوِي مَحَارِمِهَا، فَإِن لَمْ يَكُونُوا، فَأَهْلُ الصَّلَاحِ مِمَّنْ حَضَرَهَا” [النّوادر والزّيادات: 1/644].
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، ولم يمكن تحصيل الطهارة المائية بتمامها، إلا بارتكاب المحظورِ بمسِّ الأجانب للمتوفاة، فإنّ مَن حضر المتوفاة من النساء يغسلنَ ما يقدرنَ عليه منها، ويفضن الماء على سائر جسدها، ولو من غير دلك، وييمِّمْنَها بالصعيدِ، بمسحِ وجهها ويديْها إلى المرفقين، تحصيلًا لطهارةٍ ترابيةٍ كاملةٍ بعد فعل ما يمكنُ من الطهارةِ المائيةِ النّاقصة، وينزَّلُ العجزُ عن تقليبها لإيصالِ الماءِ لسائرِ جسدِها منزلةَ عدمِ الماء، قال الدّردير رحمه الله: “(كَعَدَمِ الْمَاءِ) فَيُيمّم لِمِرْفقَيْهِ فَإِن وُجِدَ الْمَاءُ قَبْلَ الدّخُولِ فِي الصَّلَاةِ غُسّلَ وَإِلاَّ فَلَا” [الشّرح الكبير: 1/410]، هذا بالنسبة للتغسيل، وأما التكفينُ فلا بأسَ بالاستعانة فيه بالرجال الأجانبِ من أهلِ الصلاحِ للضرورة؛ لأنَّ سترها مطلوبٌ، كما هو الحالُ في إنزالها القبر، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الرحمن بن حسين قدوع
عبد الدائم بن سليم الشوماني
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
24/ذو الحجة/1445هـ
2024/06/30م