طلب فتوى
البيعالتبرعاتالحجرالفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصاياالهبةالوقف

كيفية التصرف في مال المصاب بمرض الخرف

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5685)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أمي مصابةٌ بمرض (الخرف)، مرض الكبَر وليس الزّهايمر -كما في التشخيص المرفق- فهي لا تنسَى الأساسيات، ولكنّ عقلها يغيب أحيانًا، وهي من ضمنِ الورثة في منزلِ والدِي المتوفى، ولديها من المال ما يكفي لبناءِ منزلٍ، فهل يجوزُ لنا أن نأخذَ من مالها -من غير أن نرفع أمرها للقضاء للحجر عليها- ونبنيَ لها بيتًا في أرضِها، حتى نستطيعَ التصرفَ في بيتِ الورثةِ، الذي تقيمُ فيه الآن؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

ففقدُ العقلِ بسببِ الخرفِ الذي تعاني منه المرأةُ المذكورة يُعدُّ نوعًا من الجنون، والجنونُ من موجباتِ الحجر على الإنسان وإن كان متقطعًا، قال الدّردير رحمه الله: “(الْمَجْنُونُ) بِصَرَعٍ أَوِ اسْتِيلَاءِ وَسْوَاسٍ (مَحْجُورٌ) عَلَيْهِ مِن حِين جُنُونِهِ… وَيَمْتَدُّ الْحَجْرُ عَلَيْهِ (لِلْإِفَاقَةِ) مِنْ جُنُونِهِ”، قال الدّسوقي رحمه الله: “سَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُطْبِقاً أَوْ مُتَقَطِّعاً” [الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي: 3/292].

والعقارُ المشترَك بين الورثة يتعيّن بيعه إذا لم يُمْكِن أن يُقسَم عليهم، أو أمكن قَسمُه لكن بحصول ضررٍ على بعضهم، كأنْ يأخذ جزءًا يسيرًا لا يمكنه الانتفاع به، فيتعيَّن البيعُ في هاتين الحالتينِ إذا طالَبَ به بعضُ الشركاء، ويُـجْبر على البيع مَن أَباه، قال ابن أبي زيد رحمه الله: “وَمَا انْقَسَمَ بِلَا َضَرَرٍ قُسِمَ مِنْ رَبْعٍ وَعَقَارٍ، وَمَا لَمْ يَنْقَسِمْ بِغَيْرِ ضَرَرٍ فَمَنْ دَعا إِلَى البَيْعِ أُجْبِر عَلَيْهِ مَن أَبَاهُ” [الرسالة:136]، ولكن إذا كان من ضِمن الورثة محجور -كما هو الحال في السؤال- فإنّ البيع لا يتمّ إلّا بعد أن يعيِّن القاضي وصيًّا على المحجور؛ حفظًا لماله، ومنعًا لما قد يحدث من الخصومات بين الورثة.

وعليه؛ فالواجبُ عَلَى أبناء المرأة المذكورة أَن يَرْفَعُوا أَمْرَهَا إِلَى الْقَاضِي، ليحكمَ عليها بالحجرِ؛ لما يحصل لها من فقدانِ العقل أحيانًا، ويُعيِّنَ لها من أهلِ الدّينِ والأمانةِ مِن أقارِبِها وَصِيًّا، يَتَوَلَّى رِعَايَةَ مَالِهَا وَفقَ الْمَصلَحَةِ، والنَّفَقةَ عليها مِنهُ بالمعرُوفِ، قال خَلِيل رحمه الله: “وَإِنَّمَا يَحْكُمُ فِي الرُّشْدِ وَضِدِّهِ… الْقُضَاةُ”، ثم قال: “وَالْوَلِيُّ الْأَبُ ثُمَّ وَصِيُّهُ ثُمَّ حَاكِمٌ” [المختصر: 172]، واللهُ أعلمُ.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

24//ذو الحجة// 1445 هـ

30//06//2024 م

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق