طلب فتوى
الإجارةالفتاوىالمعاملاتقضايا معاصرة

تقاضي مرتب دون عمل بسبب المرض

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5698)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أعمل في شركة نفطية بأحد الحقول منذ 2004م، وفي عام 2011م قبضَتْ عليَّ كتائبُ النظامِ السابق، وسُجِنتُ أربعةَ أشهر، أُصبتُ فيها بتليّفٍ في الرئة، وما زلتُ أعاني منه حتى الآن، كما هو موضح بالتقرير المرفق، وقد ساء وضعي الصحيّ، وصرتُ غير قادر على المداومةِ في المكتبِ بسببِ احتياجي لجهازِ الأكسجين، فتقدمتُ بطلبِ تحويلٍ إلى الضمان الاجتماعيّ، عن طريق لجنة طبية، ولكن رؤسائي في العملِ – مراعاةً لظرفي الصحي وتقديرًا لجهودي في العمل طيلةَ عشرين عامًا – رفضوا طلبي، وأصرُّوا على بقائي وتعبئة رمز (2) بصحيفةِ الدوامِ الشهري، وهو الرمز الذي يُجعَل للموظَّف الذي لا يمكنه الالتحاق بالعمل؛ لعدم توفر مكانٍ في مقر الشركة، ويصرفُ له وفقًا لذلك مرتبٌ أساسيٌّ، دون ميزاتٍ أو ساعاتٍ إضافية، فهل يجوز لي أن أوافقَ على عرضِ رؤسائي، أم لا؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالراتب الذي يتقاضاه الموظفون من أي مؤسسة هو في مقابلِ عملٍ يؤدّونه، وأخذُ المرتب دون وجود عمل يقابله هو مِن أكل المال بالباطل، وهو محرمٌ بنص القرآن، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم ‌بَيۡنَكُم ‌بِٱلۡبَٰطِلِ﴾ [البقرة: 188].

وقد أحسنَ السائلُ بتقديم طلبٍ لتحويله إلى الضمان الاجتماعي، فهو السبيلُ الصحيح لتحصيلِ دخلٍ بوجهٍ مشروع، ورؤساؤهُ في العمل يُشكرُ لهم تضامنُهم معه، ووفاؤُهم لبذله طيلةَ سنوات عمله، ولكن ما كلُّ مَن أرادَ خيرًا أصابَه، فملْءُ صحيفةِ الحضورِ بالرمزِ المذكورِ، هو مِن قبيلِ الكذبِ وشهادةِ الزور، والتعاونُ على البرِّ والتقوَى لا يُتَوَصَّلُ له بالسُّبُل المحرَّمة، فالوسائلُ لها أحكامُ المقاصد، والتزويرُ في هذا هو مِن الفسادِ، واللهُ لا يصلحُ عملَ المفسدينَ.

ولكن لينظُرْ هؤلاءِ الرؤساءُ في اللوائح المنظمةِ للشركة، فإنْ وجدُوا فيها ما يسمحُ بإعطاء مرتبٍ أساسيٍّ أو أي قيمة ماليةٍ غير المرتبِ، للموظفين الذين عملُوا لفتراتٍ طويلة مع الشركةِ، وأصابهم من الأمراضِ أو الآفاتِ ما أقعدهم ومنَعَهم من المواصلة؛ تقديرًا لجهودهم ومراعاةً لظروفهم، فلهُم أن يسلكُوا ذلك، ولا يلجؤُوا إلى الكذبِ وشهادةِ الزور.

فإنْ لم يكنْ ذلك متاحًا، فلْيترُكِ السائلُ هذا للهِ، وليتذكرْ أنَّ مَن تركَ شيئًا لله عوضَه اللهُ خيرًا منه، والقليل الحلال خير من الكثير المشبوه، قال تعالى: ﴿قُل ‌لَّا ‌يَسۡتَوِي ‌ٱلۡخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ كَثۡرَةُ ٱلۡخَبِيثِۚ﴾ [المائدة: 100]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عصام بن علي الخمري

عبد الرحمن بن حسين قدوع

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

02/محرم/1446هـ

08/07/2024 م 

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق