بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5700)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أنا (ع) أُعاني من مرض اكتئابٍ نفسي، كما هو موضحٌ في التقريرِ الطبيّ المرفق، طلقتُ زوجتي، وتكررَ مني ذلك، وأنا غيرُ واعٍ لما تلفَّظْتُ به، فهل الطلاق واقع؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ العقل هو مناطُ التكليفِ والمؤاخذةِ بالأقوالِ والأفعال، فإن كان المطلِّقُ يعِي ما يقول، ويقصدُ ما يتكلمُ به، فالطلاق واقعٌ، وأما إن كان المطلقُ شديدَ المرضِ وقتَ الطلاق، إلى درجةٍ لا يعي فيها ما يقول، ولا يشعر بما يصدر منه؛ فالطلاق لا يقع؛ لأنه صار في حكم المجنون فاقدِ العقل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَن ثَلَاثَةٍ: … وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ) [الترمذي: 142]، وفي المدونة: “مَا نَعْلَمُ عَلَى مَجْنُونٍ طَلَاقًا فِي جُنُونِهِ، وَلاَ مَرِيضٍ مَغْمُورٍ لاَ يَعْقِلُ، إِلاَّ أَنَّ الْمَجْنُونَ إِذَا كَانَ يَصِحُّ مِنْ ذَلِكَ، وَيُرَدُّ إِلَيْهِ عَقْلُهُ، فَإِنَّهُ إِذَا عَقِلَ وَصَحَّ جَازَ أَمْرُهُ كُلُّهُ، كَمَا يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ” [2/84]، وقد ورد في التقرير الطبي المرفق، أنّ المرض الذي يعاني منه السائل يُفقده الشعورَ والإدراكَ أحيانًا.
عليه؛ فإنْ كانَ الحالُ ما ذكر، والزوجُ وقت وقوعِ الطلاقِ غير مدركٍ لما يقول؛ فلا يقع طلاقه، وإن كان مدركا وقت الطلاق فطلاقه واقع، ولْيعلمِ الزوج أن وقوعَ الطلاق عليه من عدمهِ متوقفٌ على صدقِ ما أخبرَ به، مِن عدمِ إدراكه لما وقعَ منه مِن التلفظِ بالطلاقِ، أمَّا إن كان مدركًا لما وقَع منه من الطلاقِ؛ فإنّ هذه الفتوى لا تفيدُه؛ لأنها بُنيتْ على إخباره بعدمِ إدراكه، فإذا كانَ الواقعُ غيرَ ذلك، وكان مدركًا؛ فالطلاقُ لازمٌ له، والفتوَى لا تصلحُ له، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
أحمد بن ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
02//محرم//1446هـ
08//07//2024م