بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5734)
السيد المحترم/ عميد بلدية تاجوراء.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة، وبعد:
فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة السؤال عن حكم إزالة أجزاء من مقبرة (أبو غريس) المحاذية لقسم مرور تاجوراء، لتوسعة الطريق الساحلي.
فالجواب كالتالي:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فيجوز أخذ جزءٍ من أرض المقبرة لفتح الطريق فيه أو توسعته إذا كان الطريق عاما محتاجًا إليه، وتقتضيه مصلحة السير لعامّة الناس؛ لأنّ ما كان للهِ فلا بأس أن يستعانَ ببعضه في بعض، ولا يزادُ في الأخذ على قدر حاجةِ الطريق، قال الزرقاني رحمه الله تعليقا على قول المصنف في جواز بيع الوقف لتوسعة المسجد والطريق والمقبرة: “وَسَكَتَ [أي المصنف] عَنْ تَوسِيعِ بَعْضِ الثَّلَاثَةِ مِنْ بَعضٍ [أي المقبرة والمسجد والطريق] وَهيَ سِتُّ صورٍ، وَيُؤْخَذُ الجَوازُ مِنْ قَولِ الشَّارِحِ عِندَ قَوْلِ المُصنِّفِ (وَاتُّبِعَ شَرْطُهُ إِنْ جَازَ): مَا كَانَ للهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُستَعانَ بِبَعْضِهِ فِي بَعْضٍ اهـ” [شرح الزرقاني:7/160].
وينبغي أن يترك لذوي الموتى فرصةٌ لمباشرة تحويل قبور موتاهم لمكان آخر، إن عُلموا، فإن جُهلَ أرباب القبور أو لم يُعْلَم ذَوُوهُم، فيتولى المجلسُ البلدي أو أعيان المنطقة تحويل القبور الواقعة في الطريق، إن كان في القبور بقية من عظام الموتى، قال الحطاب رحمه الله: “وَكَذَلِكَ إذَا احْتِيجَ إلَى الْمَقْبَرَةِ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا فَعَلَ سَيِّدُنَا مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه فِي شُهَدَاءِ أُحُدٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ إجْرَاءَ الْعَيْنِ إلَى جَانِبِ أُحُدٍ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فِي الْمَدِينَةِ: كُلُّ مَنْ لَهُ قَتِيلٌ فَلْيَخْرُجْ إلَيْهِ وَلْيَنْبُشْهُ وَلْيُخْرِجْهُ وَلْيُحَوِّلْهُ، قَالَ جَابِرٌ فَأَتَيْنَاهُمْ فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ قُبُورِهِمْ رِطَابًا يَتَثَنَّوْنَ” [مواهب الجليل: 7/95]، وباقي المقبرة ينبغي على البلدية حفظه بالتسييج عليه وصيانته، حتى لا يُتعدَّى عليه بالبناء فيه ونحوه، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
02/صفر/1446 هـ
06/08/2024 م