بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2958)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
نحن أهل قرية (اللانشا) بمنطقة (ابن عاشور)، في قريتنا مسجدان، أحدهما المسجد الكبير، الذي تزيد مساحته عن 800م، وهو جديد مستحدث في المنطقة، وهو الذي تقام فيه الجمع والجماعات الآن، وثمت مسجد آخر صغير، مساحته الفعلية 120م، يتكون مِن دورين؛ المصلّى في الدور الثاني، ودورات المياه في الدور الأرضي، وهو تحت الصيانة الآن، وسيفتتح قريبًا، وكان سابقًا هو المسجد الجامع، والآن – مع قرب افتتاحه – يرغب البعض في جعله مسجدًا للأوقات فقط، مع فارق التوقيت في إقامة الصلاة، والبعض الآخر يرغب في إعادته كمسجدٍ جامع، مع العلم أن المسافة بين المسجدين 200م تقريبًا، فما الحكم؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن صلاة الجمعة شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام، وهي من مظاهر إظهار وحدة المسلمين، واجتماع كلمتهم، ومِن أهم مقاصدها وأهدافها؛ جمعُ الكلمة، والمحبةُ، والألفةُ، والمودةُ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقولُ عند اصطفاف المصلين للجماعة والجمعة: (لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ) [المستدرك:2195]، ويقول صلى الله عليه وسلم: (لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) [البخاري:13].
وقد شدد فقهاء المالكية على عدم تتعدُّدِ الجمعة لغير حاجةٍ في البلدِ الواحد، قال الدسوقي رحمه الله: “فلا يجوز تعدده على المشهور، ولو كان البلد كبيرًا؛ مراعاةً لما كان عليه السلف، وجمعًا للكل، وطلبًا لجلاء الصدور” [حاشية الدسوقي:1/ 375،374]، وقد ذكر العلماء بطلان الجمعة في المسجد الجديد، إذا أقيمت في العتيق، فقد جاء في التاج والإكليل: (لَا تُصَلَّى الْجُمُعَةُ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ فِي مَسْجِدَيْنِ، فَإِنْ فَعَلُوا فَالصَّلَاةُ صَلَاةُ أَهْلِ الْمَسْجِدِ الْعَتِيقِ)، لكن إذا ضاقَ المسجد العتيق على أهله، وتعذرت توسعتُه، فلا حرج أن تصلى الجمعة في المسجدِ الجديد، ويجعل العتيقُ لصلاة الأوقات، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الكوحة
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
16/شعبان/1437هـ
23/مايو/2016م