(بيانُ مجلسِ البحوثِ والدراساتِ الشرعيةِ بدار الإفتاءِ الليبيةِ حولَ نتائجِ القمة العربية الإسلاميةِ الطارئة المنعقدةِ في الدوحة)
(بيانُ مجلسِ البحوثِ والدراساتِ الشرعيةِ بدار الإفتاءِ الليبيةِ حولَ نتائجِ القمة العربية الإسلاميةِ الطارئة المنعقدةِ في الدوحة)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال الله تعالى: ﴿وَمَا لَكُم لَا تُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللهِ وَٱلمُستَضعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلوِلدَٰنِ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَخرِجنَا مِن هَٰذِهِ ٱلقَريَةِ ٱلظَّالِمِ أَهلُهَا وَٱجعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَٱجعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا﴾[النساء:75].
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على رسولِه الأمين، وعلى آلهِ وصحبِه أجمعينَ.
أمَّا بعدُ:
فإنّ مجلسَ البحوث، بعدَ اطلاعه على نتائج القمة العربية الإسلاميةِ الطارئةِ، التي انعقدتْ في دولة قطر، يوم الاثنين 15 سبتمبر 2025م ، وما صدرَ عنها في ضوءِ المصاب الكبير والابتلاءِ العظيم، الذي يعيشُه أهلُنا في فلسطين عامةً وغزة خاصّةً؛ لَيُعبّرُ عن أسفِه لما صدرَ عن هذهِ القمةِ مِن مواقفَ وقراراتٍ، لم ترتقِ إلى مستوَى آمالِ الشعوب، ولا تستجيبُ لحجم المعاناةِ والدمِ المسفوكِ في فلسطينَ وغزةَ، وكان المنتظَرُ أنْ يصدرَ عنها موقفٌ شجاعٌ فَعّالٌ، يتناسبُ مع حجم الواجبِ الشرعيّ تجاهَ المستضعفينَ والمظلومِين.
ويؤكّدُ المجلسُ على أنّ وقوفَ الدول الإسلامية والعربيةِ موقفَ المتفرجِ، ممَّا يفعلُه العدوُّ الصهيونيّ ومَن يدعمُه، بالنساءِ والأطفالِ والجوعَى والمرضَى في غزة، يجعلُهم شرعًا مشاركينَ فيما يرتكبُه العدوُّ بإخوانِهم.
وإذْ يقومُ المجلسُ بواجِبِ النصحِ والبيانِ؛ فإنهُ يؤكدُ على الآتي:
1- دعوة قادةِ العالمِ العربيِّ والإسلاميِّ إلى التوبة النصوح، مِن إثمِ التخلي عن نصرةِ أهلِنا في غزةَ في الفترةِ الماضيةِ، مع ضرورةِ مراجعةِ مواقفِهم بما يُواكبُ الواجبَ الشرعيَّ تجاهَ هذه القضيةِ، مع التأكيدِ على وجوبِ الدفاعِ عن أهلنا في غزة، وإعلانِ الجهادِ والنفيرِ العامِّ في هذه الأمةِ، حتى تحريرِ آخرِ شبرٍ من أرضِ فلسطين المحتلةِ.
ويؤكدُ المجلسُ على ما سبقَ بيانُه مِن وجوبِ جهادِ الكيان الصهيوني، وأنّ هذا الواجبَ يستلزمُ من الحكومات العربية والإسلاميةِ التدخلَ العسكريَّ المباشر، وإمدادَ المجاهدينَ في غزة بكلِّ ما يعينُهُم على مقاومةِ المحتلِّ الغاصبِ، وأنّ ذلكَ فرضٌ متعينٌ أوّلًا على أهل فلسطينَ، ثم على مَن جاورهم، ثم على كافةِ الدولِ العربيةِ والإسلامية، ومَن تركَ هذا الواجبَ وهذه النصرةَ لأهلنا في غزةَ، فقد فرّطَ فيما فرضَه الله عليه مِن النُّصرة، يقولُ الله تعالى: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ﴾[النساء:75].
2- إنّ واجبَ الوقت الشرعيّ المنوطَ بحكامِ هذه الأمةِ وقادتِها؛ هو ضرورةُ الالتزامِ بالمقاطعةِ السياسيةِ والدبلوماسيةِ والاقتصاديةِ المنظمةِ والممنهجةِ لهذَا الكيانِ الغاصِب، ويدعُو المجلسُ إلى الالتزام بفتواهُ السابقةِ، الدالةِ على تحريم التطبيعِ مع الكيان الصهيوني المحتلّ، بكافةِ صورهِ وأشكالِه، وأنّ مَن لم يفعل ذلك فقد وقعَ في موالاةِ وعونِ العدوِّ المحتلّ، وهو صورةٌ من صورِ الولاءِ المحرّم، التي تُفضِي إلى المروقِ مِن الدين؛ قال تعالى: ﴿تَرَىٰ كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَن سخط اللهَ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [المائدة: 80-81].
3- مراجعةُ السياساتِ والعلاقاتِ الرسميةِ مع الكيانِ المحتلِّ والدولِ الداعمة له، مِن كلّ مَن له علاقاتٌ وديةٌ معه، وإعادةُ النظرِ في أيِّ تعاونٍ يخدمُ سياساتِ الاحتلالِ، أو يُسهِمُ في استمرارِ الحصارِ والعدوان.
4- على دولِ هذه القمةِ أن يكسروا الحصارَ المضروبَ على أهلِ غزةَ فورًا، بفتح المعابرِ بشكلٍ آمنٍ ومضمونٍ، لإدخالِ الغذاءِ والدواءِ والوقودِ والإمداداتِ الطبيةِ؛ لإنقاذِ الجوعَى والمرضَى من الموت؛ فإنّ استمرارَ الحصارِ يُعدُّ جريمةً إنسانيةً وشرعيةً، يجبُ على الدولِ المشاركةِ في هذه القمةِ منعُها بكلّ ما يملكونَه مِن نفُوذ.
5- تفعيلُ إجراءاتٍ قانونيةٍ دوليةٍ ضدَّ مرتكبي الجرائم، مِن خلال رفعِ دعاوى جنائيةٍ في المحاكمِ الدولية ذاتِ الصلاحيةِ، وتوثيقِ الانتهاكاتِ؛ لجعلِ مرتكبيها تحتَ المساءَلة.
6- تشكيلُ صندوقٍ عربيٍّ إسلامي عاجلٍ، برعاية هيئةٍ إسلاميةٍ موثوقةٍ، لتمويلِ الإيواءِ وإعادةِ الإعمارِ، ورعايةِ أسرِ الشهداءِ والجرحى، ومن لحقتهم أضرارُ هذه الحربِ الدامية.
وفي الختام: يدعو المجلسُ المسلمين جميعًا – كلٌّ بما يقدرُ عليه – إلى التحركِ الفوريِّ بمختلفِ الوسائلِ لدعمِ المجاهدين، وكسرِ الحصارِ، ووقفِ العدوانِ، وحمايةِ المدنيينَ، ومساءلةِ مرتكبي الجرائم ضدَّ إخواننا المستضعَفين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه
صدر عن مجلس البحوث والدراساتِ الشرعيةِ بدار الإفتاء الليبية
السبت : 27 ربيع الأول 1447 هـ
الموافق : 20-09-2025 م