بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5747)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
وقع خلاف بيني وبين زوجتي قبل سنة، فطلقتها، ثم أرجعتها لذمتي، وفي شهر سبتمبر الماضي وقع خلاف بيني وبين أمها، فغضبتُ غضبًا شديدًا، ولم أدر ما قلت، حتى أخبرني شقيق زوجتي بعدما خرجنا من المنزل أني طلقت أخته، واستنكر عليَّ ذلك، فما حكم الشرع في هذا الطلاق؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالمطلقُ الذي لا يعي ما يقول، ولا يشعرُ بما صدر منه؛ طلاقه لا يقع؛ لأنه حينئذ في حكم المجنونِ فاقدِ العقل، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَن ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظْ، وَعَنِ الصّبيّ حتّى يَحْتَلمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقلَ) [التّرمذي: 1423]، وقال صلى الله عليه وسلم: (لاَ طَلَاقَ وَلا عِتَاقَ في إِغْلَاقٍ) [أحمد: 53/314]، وقال الصّاوي رحمه الله: “يَلْزَمُ طَلَاقُ الْغَضْبَانِ، وَلَوِ اشْتَدَّ غضَبُهُ، خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَكُلّ هَذَا مَا لَمْ يَغِبْ عَقْلُهُ، بِحَيْثُ لاَ يَشْعُرُ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ كَالْمَجْنُونِ” [بلغة السّالك: 2/351].
عليه؛ فقد لزم الزوج الطلقة الأولى، وأما الطلاق الثاني فغير لازم له؛ لعدم إدراكه حين وقع منه الطلاق، لكن ليعلم الزوج أنَّ عدم وقوع الطلاق متوقِّفٌ على صدقِه فيما أخبرَ به، مِن عدمِ إدراكه لما وقعَ منه مِن التلفُّظِ بالطلاق، أمَّا إن كان الواقعُ خلافَ ما ذَكَر، بأن كان مدركًا لما وقَع منه؛ فإنّ هذه الفتوى لا تفيدُه؛ والطلاقُ لازمٌ له، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
21/صفر/1446هـ
25/08/2024م