طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوى

حكم طلاق المريض النفسي

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5749)

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أنا (س) أُعاني من حالة “اكتئاب مع أعراض ذُهانية”، كما هو موضحٌ في التقريرِ الطبيِّ المرفق، طلقتُ زوجتي الطلقة الثالثة، وأنا في حالة غضب هستيرية بسبب هذا المرض، وقد وقعتْ لي من الأعراض ما أنكرتُه على نفسي بعدُ، من ذلك خروجي في الشارعِ أركض على غير وجه، صارخًا بأعلى صوتي، حتى قُيِّدتُ بالقوة، وجيء بي إلى المصحة النفسية، وتلقيت العلاج إلى أن استقرت حالتي، فهل طلاقي في تلك الحالة واقع؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ العقل هو مناطُ التكليفِ والمؤاخذةِ بالأقوالِ والأفعال، فإن كان المطلِّقُ يعِي ما يقول، ويقصدُ ما يتكلمُ به، فالطلاق واقعٌ، وأما إن كان المطلقُ شديدَ المرض وقت الطلاق، إلى درجةٍ لا يعي فيها ما يقول، ولا يشعر بما يصدر منه؛ فالطلاق لا يقع؛ لأنه صار في حكم المجنون فاقدِ العقل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَن ثَلَاثَةٍ:… وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ) [الترمذي: 142].

وفي المدونة: “مَا نَعْلَمُ عَلَى مَجْنُونٍ طَلَاقًا فِي جُنُونِهِ، وَلاَ مَرِيضٍ مَغْمُورٍ لاَ يَعْقِلُ، إِلاَّ أَنَّ الْمَجْنُونَ إِذَا كَانَ يَصِحُّ مِنْ ذَلِكَ، وَيُرَدُّ إِلَيْهِ عَقْلُهُ، فَإِنَّهُ إِذَا عَقِلَ وَصَحَّ جَازَ أَمْرُهُ كُلُّهُ، كَمَا يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ” [2/84].

وقد ورد في التقرير الطبي المرفق، أنّ المرض الذي يعاني منه السائل يدخله في حالة من الضلالات الشكية، وبحسب إخبار الطبيب الذي يتردد عليه السائل، فإن هذه الحالة لا يكون فيها الإنسان قاصدا لأفعاله.

وعليه فإن كان الزوج قد أوقع الطلاق في هذه الحالة، التي لا يملك فيها تصرفاته؛ فإنه بمنزلة المكره، والطلاق غير لازم له.

وأمَّا الطلاقُ الذي أوقعه قبل ذلك فإن كان بإرادته وقصده؛ فهو لازمٌ له، ومؤاخَذٌ به، ويكون في حكم المجنون الذي يغفُلُ ويفيقُ، والسائل أدرى بنفسه، فما أوقعه من الطلقات الثلاث دون إرادة منه، غير لازم له، وما أوقعه منها بإرادته، فهو لازم له، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الرحمن بن حسين قدوع

عصام بن علي الخمري

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

21/صفر/1446هـ

25/08/2024م  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق