قسمة ميراث ومرتب ضماني
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5778)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
توفي (ف) عن زوجته (م) وابنه (ع)، وترك مبلغًا ماليًّا في حسابه المصرفي قدره (360000 د.ل)، ومرتبًا ضمانيًّا قدره 3169 د.ل، فكيف يقسم المبلغ الذي في الحساب والمرتب الضماني؟ وقد اشترى المتوفى لزوجته سيارة هدية وسجلها باسمها، لكنها لم تقدها طيلة حياته، بل كان يقودها هو أحيانًا مع سيارته، وكان تنازلَ عن شقة سكنية يملكها لابنه، وظلّ يقبضُ إيجارها لنفسه حتى توفي، فهل تدخلُ السيارة والشقةُ في الميراث؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالمبلغ الذي كان في حساب المتوفى عند موته، يقسمُ حسبَ الفريضة الشرعية؛ فيصحّ منه للزوجة (م) خمسة وأربعون ألف دينار، وللابن (ع) ثلاثمائة وخمسة عشر ألف دينار.
أمّا المرتب الضماني فليس ميراثًا، بل يقسمُ حسبَ لوائح الجهة المانحة وهي صندوق الضمان الاجتماعي.
والشقة هبةٌ لم تتم؛ لفقدانها شرط الحيازة في حياة الواهب، فهي ميراثٌ يقسم حسبَ الفريضة الشرعية، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “وَلَا تَتِمُّ هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا حُبُسٌ إِلاَّ بِالْحِيَازَةِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ فَهِيَ مِيرَاثٌ” [الرسالة:117]، وقال أبو الحسن المنوفي رحمه الله في تعريف الحيازة: “هِيَ وَضْعُ اليَدِ، وَالتَّصَرُّفُ فِي الشَّيْءِ الْمَحُوزِ كَتَصَرُّفِ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ” [كفاية الطالب الرباني:2/482]، ويمكن للزوجة أن تتنازلَ عن نصيبها في الشقة لابنها، ثم يحوزها، إن أرادتْ أن تكون ملكيتها خالصة له؛ لعدم وجود وارث غيرهما.
والسيارة التي اشتراها المتوفى لزوجته من ماله، ثم أهداها لها، هبةٌ صحيحةٌ نافذةٌ شرعًا، فلا تدخل في التركة؛ لأنها من قَبِيل هبة الثمن، ولا تفتقر إلى أن يحوز الموهوبُ له الثمن، فقد نقل التسولي عن ابن القاسم الجزيري رحمه الله أنه قال: “وَكَذَا لَوِ اشْتَرَى دَارًا مَثَلاً وَأَشْهَدَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِابْنِهِ، وَلمْ يَذْكُرْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الِابْنِ، فَإِنَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ أَيْضًا، وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لَهُ بِمَالٍ وَهَبَهُ إِيَّاهُ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَحُوزَهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ بِنَفس الشِّرَاء كَانَ مِلْكًا للِابْن فَلَمْ يَتَقَرَّرْ لِلْأَبِ عَلَيْهِ مِلْكٌ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلْحَوْزِ، وَالثَّمَنُ قَدْ حِيزَ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ” [البهجة في شرح التحفة: 2/401]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
19//ربيع الأول//1446هـ
22//09//2024م