طلب فتوى
الفتاوىالمواريث والوصايا

حكم العمل بالوصية الواجبة في المحاكم

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5789)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

توفي أخي قبل أمي وأبي، ولديه أربعة أبناء، ولما تقدمنا للمحكمة لاستخراج الفريضة الشرعية، وجدناها قد أدرجت أبناء أخي مع أعمامهم وعماتهم في الفريضة، فهل هذه الفريضة صحيحة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ من شروط الميراث تحقق حياة الوارث بعد موت المورِّث، فلا ميراث لأبناء الابن المتوفَّى قبل أبيه عند جمهور أهل العلم، من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِي فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ) [البخاري: 6352].

وقانون الوصية الواجبة الذي كان معمولًا به في المحاكم الليبية، هو تمليك للتركة لمن ليس له حقٌّ فيها؛ لتخلف شرط الميراث، وهو تحقق حياة الوارث بعد موت المورِّث، وهذا القانون مخالفٌ للنصوص الصريحة الواضحة، ولم يستند إلى قول أحد من أقوال أهل العلم يعتدّ به، وإنما هو تلفيقٌ من أقوالهم، على صورة لم يقل بها أحد منهم، وإنما دعت إليه الحاجة والعواطف، ومما يدلّ على كون القوانين المتبعة في المحاكم اليوم بالوصية الواجبة ليست مبنية على أصول وقواعد شرعية صحيحة، أنها مختلفة من بلد إلى آخر، فالقانون المصري والكويتي يعطي الحق في الميراث للحفدة من أولاد الذكور مهما نَزَلوا، أما أولاد الإناث فلأهل الطبقة الأولى فقط، والقانون السوري والأردني يعطي الميراث للحفدة من الأولاد الذكور فقط، دون الإناث، والقانون الليبي جعل الوصية تقسم على الفريضة الشرعية، فجعلها من جهة وصية ومن جهة أخرى ميراثا، وهو ما لم يقل به أحد.

وعليه؛ فكلُّ حكم مبني على هذا القانون يُعَدّ منقوضًا؛ لأنه مخالف للنص والإجماع والقياس والقواعد، وحكمُ الحاكم إذا خالف واحدًا مما ذكر ينقض، ولا يرفع الخلاف، قال القرافي r مبينًا ما يُنقض فيه قضاءُ القاضي: “وَهْوَ الْحُكْمُ الَّذي خَالَفَ أَحَدَ أَرْبَعَةِ أُمُور: إِذَا حَكَمَ عَلَى خِلَافِ الإِجْمَاعِ يُنقضْ قَضَاؤُه، أَوْ خِلَافِ النصِّ السَّالمِ عَنْ الْمُعَارِضِ، أو القياسِ الْجَلِي السَّالِم عَنِ الْمُعارِض، أَوْ قَاعِدة مِنْ الْقَوَاعِدِ السَّالِمَةِ عَنْ الْمُعَارِضِ” [الفروق:4/40]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

20//ربيع الأول//1446هـ

23//09//2024م 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق