طلب فتوى
الإجارةالفتاوىالمعاملاتقضايا معاصرة

حساب الأجرة عن طريق العدّادات الإلكترونية في خدمة التوصيل (توربو)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5793)

 

السادة: إدارة شركة توربو.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة، وبعد:

فبالإشارة إلى مراسلتكم المتضمنة طلب الحكم الشرعي لمعاملاتكم الجارية بتطبيق (توربو)، بعد تعديل بعض نقاط الإشكال التي بينتْها الفتوى السابقة، رقم: (5594)، ورفعِكم جهالةَ الأجرة عن سائقي السيارات، بنشر المعادلة -التي يتم بها حساب الأجرة- على جميع السائقين، بحيث يستطيع كل سائق معرفة الأجرة مسبقًا قبلَ قبول الطلب، بطريقة تشبه استعمال العدَّادات في الدول الأخرى، فيستحق السائق قيمة محددة بمجرد فتح الزبونِ البابَ وركوبه، ويستحق قيمة محددة على كل مسافة (كيلومتر) واحد، وعلى كل دقيقة انتظار، مع تنبيهكم إلى أن الطريق التي يلزم السائقَ السير من خلالها؛ هي الطريق المبينة على تطبيق الخرائط المعروف، فليس له تغيير الطريق ولا اختصارها، وفي التطبيق تظهر مسافة الرحلة من حين الطلب، وبهذه الطريقة يُحْفَظُ حق السائق لو طلب الزبون زيادة المسافة بعد بلوغ الموقع المتفق عليه، أو أجبرَ السائقَ على انتظاره مدة من الزمن، فهل هذا التعديل كافٍ في إصلاح هذه المسألة؟ وما هي الصورة الصحيحة التي ينبغي لنا تعديل حافظة السائق الإلكترونية عليها؟ بحيث تصير كل معاملات تطبيق (توربو) صحيحةً شرعًا، ويكون التكسب من خلالها حلالا بإذن الله.

فالجواب كما يلي:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنَّ حسابَ الأجرة عن طريق العدّادات الإلكترونية، أو عن طريق المعادلة الحسابية، وفق الصورة المذكورة في السؤال، مع تعميم ذلك على جميع السائقين؛ جائزٌ شرعًا، وهو كافٍ في رفع الجهالة عن الأجرة، التي تؤدي إلى فساد العقد؛ لأن العلم بتفصيل العوض يغني عن العلم بالجملة، قال الدردير رحمه الله في معرض كلامه عن شروط البيع، وهو شامل للإجارة: “وَشُرِطَ عَدَمُ (جَهْلٍ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (بِمَثْمُونٍ)… (أَوْ ثَمَنٍ)… (وَلَوْ تَفْصِيلًا) … أَيْ: فَإِنْ جُهِلَ الثَّمَنُ أَوْ الْمُثْمَنُ ضَرَّ، وَلَوْ كَانَ ‌الْجَهْلُ فِي ‌التَّفْصِيلِ وَعُلِمَتْ جُمْلَتُهُ، وَأَمَّا إِنْ تَعَلَّقَ ‌الْجَهْلُ بِالْجُمْلَةِ فَقَطْ وَعُلِمَ ‌التَّفْصِيلُ؛ فَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ، كَبَيْعِ صُبْرَةٍ بِتَمَامِهَا مَجْهُولَةِ الْقَدْرِ، كُلُّ صَاعٍ بِكَذَا” [الشرح الكبير: 3/15].

وفيما يتعلق بشحن محفظة السائق الإلكترونية؛ فإنَّ شحنها بالقيمة السالبة لتسديد الدَّيْنِ المترتب في ذمة السائق جائز؛ لأنه أداءُ دَيْنٍ لزمه، أما شحنها بالقيمة الموجبة، باشتراط أن يدفع السائق مسبقا مبلغا يتم للشركة من خلاله خصمُ مستحقاتها من السائق؛ فهذا غير جائز، لأن هذا المال الذي دفعه السائق يعدّ ضمانا؛ اشترطته الشركة عليه لضمان حقها، وترتب عليه جُعْلٌ تقدمه الشركة للسائق، وهو المنفعة التي تقدمها الشركة للسائق، والضمان بجعل ممنوع؛ لأنه في معنى السلف بمنفعة، فالمال الذي دفعه السائق ضمانا، بمجرد دخوله في  حساب الشركة يدخل في ذمتها، وتنتفع به، فيعدُّ قرضا، وتعود منه منفعة على المقرض وهو السائق، لما يقدَّم له من خدمة.

وأيضا لأنه يجتمع فيه قرض وإجارة، واجتماعُهُما ممنوعٌ كاجتماع البيع والسلف؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: (لَا يَحِلُّ ‌سَلَفٌ ‌وَبَيْعٌ) [أبو داود: 3504].

وعليه؛ فينبغي تعديل المحفظة الإلكترونية، بإلغاء الحساب الموجب للسائق، وفي حالة ما لو بقي للسائق مالٌ قليل لدى الشركة عند المحاسبة، فهذا لا يضر؛ لأنه غير مقصود بالضمان ابتداء، وإنما جرّت إليه المعاملة، ولا بد أن يكون في الحد الأدنى الممكن، غيرَ مقصود للتوثّق، ومتى حصل هذا التعديل، مع التعديل السابق المتعلق بالأجرة؛ صار التعامل بين شركة (توربو) والسائقين صحيحًا شرعًا، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

20//ربيع الأول//1446هـ

23//09//2024م  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق