طلب فتوى
الصلاةالعباداتالفتاوىاللباس والزينة

بيان اللباس الشرعي للمرأة في الصلاة خصوصًا، وفي خارج الصلاة عمومًا.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5811)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

بعض الأخوات تصلي في المسجد بلباس ضيق ولاصق، (بالبنطلون) تحديدًا، ويُخشَى اقتداءُ البنات الأخريات بها عندما يرونها، فنرجو منكم بيان اللباس الشرعي للمرأة في الصلاة خصوصًا، وفي خارج الصلاة عمومًا.

فالجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ الواجب على المرأة إن احتاجت للخروج من بيتها؛ لعبادة، أو علاج، أو زيارة أهل، أو قضاء بعض الحوائج المشروعة بصفة عامة؛ سَترُ كاملِ جسدها، بلباسٍ طويلٍ فضفاضٍ كثيفٍ، لا قصيرٍ يظهر منه شيء من جسدها إن انحنتْ أو تحركتْ، ولا رقيقٍ يشفُّ ويُبْدي ما تحته، ولا ضيقٍ يصِفُ وَيُحَدِّدُ مقاطع البدن، قال تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ‌يُدۡنِينَ ‌عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّ) [الأحزاب: 59]، وقال تعالى: (وَلۡيَضۡرِبۡنَ ‌بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّۖ) [النور: 31]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (صِنْفانِ مِن أهْلِ النَّارِ لَمْ أرَهُما، قَوْمٌ معهُمْ سِياطٌ كَأَذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بها النَّاسَ، ونِساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ مُمِيلاتٌ مائِلاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ، ولا يَجِدْنَ رِيحَها، وإنَّ رِيحَها لَيُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ كَذا وكَذا) [مسلم: 2128].

ومذهب الإمام مالك رحمه الله عدمُ وجوب ستر وجهها وكفَّيْها، عند أمنِ الفتنة، فإن خُشِيت الفتنة، بأن كانت حسنة الوجه، أو عمَّ الفساد في زمنها؛ فالواجبُ عليها ستره؛ للفتنة لا لأنه عورة، قال الحطاب رحمه الله: “وَاعْلَمْ أَنَّهُ إِنْ خُشِيَ مِنَ الْمَرْأَةِ الفِتْنَةُ؛ يَجِبُ عَلَيْهَا سَتْرُ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ” [مواهب الجليل: 2/181].

والواجب على المرأة ترك الزينة الظاهرة اللافتة، وترك التطيب بالروائح عند الخروج؛ لقول الله تعالى: (وَلَا ‌تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ) [الأحزاب: 33]، وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلَا تَمَسَّ طِيبًا) [مسلم: 443]، قال ابنُ الحاج رحمه الله موجهًا أولياء النساء: “وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعَلِّمَهُنَّ السُّنَّةَ فِي الْخُرُوجِ إنِ اضْطَرَّتْ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ قَدْ وَرَدَتْ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَخْرُجُ فِي حَفْشِ ثِيَابِهَا، وَهُوَ أَدْنَاهُ وَأَغْلَظُهُ، وَتَجُرُّ مِرْطَهَا خَلْفَهَا شِبْرًا أَوْ ذِرَاعًا” [المدخل: 1/ 244-245].

أما بالنسبة إلى لباسها في الصلاة؛ فالواجب عليها سترُ كامل جسدها أيضا، غير أنها لا تغطي وجهها في الصلاة، بل يكره لها ذلك، ما لم تدعُها حاجة إليه، وأقلُّ ما تلبسه للصلاة؛ خمارٌ يستر رأسها وعنقها وصدرها، وجلبابٌ فضفاضٌ وسابغٌ يستر سائر جسدها، حتى ظهور قدميها وبطونهما، دون أن يَشِفَّ اللباسُ شيئا من جسدها، أو يَصِفَهُ وَيُحَدِّدَهُ، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ الْمَرْأَةَ مِنَ اللبَاسِ فِي الصَّلَاةِ؛ الدِّرْعُ الْحَصِيفُ السَّابِغُ، الذِي يَسْتُرَ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا، وهْوَ القَمِيصُ وَالخِمَارُ الحَصِيفُ” [الرسالة: 37].

وعليه؛ فلا يجوز للمرأة الخروج بلباس (البنطلون)، ولا بغيره من كلِّ لباسٍ يَصِفُ العورة ويُحَدِّدُهَا، ولا يجوز لها الصلاة به، وإنما تخرج وتصلي باللباس الشرعي الوارد كما سبق.

والواجب على ولي المرأة أن يحفظ الأمانة التي استرعاه الله إياها، وأن يغار على حرماته.

والواجب على المسؤولين عن المساجد والمدارس والمراكز وغيرها، وعلى المعلمات والمربيات؛ إلزامُ الطالبات والعاملات والزائرات باللباس الشرعي؛ تربيةً لهنّ، ومنعًا لتفشِّي هذه المظاهر واعتيادها من قبل سائر الفتيات، حتى لا يألفْنَهَا، وتنعكسَ آثارُ ذلك عليهنّ، يقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ) [البخاري: 5200]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم  

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

أحمد بن ميلاد قدور

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

04//ربيع الآخر//1446هـ

07//10//2024م     

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق