طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوىالنكاح

تعذر وصول الزوجة لحقها في النفقة وطلب الطلاق بالقضاء

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5817)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أنا (ع)، عُقد نكاحي على قريب لي منذ صغري، وكنت رافضة الزواج به؛ لعدم استطاعته تحمل المسؤولية، وسافر بعدها للنيجر، وبعد سنوات رجع وبنى بي بشقة والدي، على أنها فترة مؤقتة، وبعدها أخذني لبيت أختي، وبقيت أنتقل من مكان لآخر لسنوات، وبعدها ذهب إلى النيجر بحجة العمل لجمع المال وتوفير مسكن لنا، منذ عامين تقريبا، بعث خلالها نفقة مرتين في نحو شهرين، وبعد ذلك قطع تواصله عني نهائيا، إلى يومنا هذا، فما حكم ذلك مع تعذر وصول الزوجة لحقها بالقضاء؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فمن حقوق الزوجة على زوجها: الإنفاق عليها بالمعروف، وأن يقوم بإعفافها، بأن يلبي رغبتها وحاجتها في الفراش، وغيرها من الحقوق، فإن قصَّر في شيء منها، أو أخلَّ به دونَ عذر، فللزوجة الحق في رفع دعوى إلى القاضي بإزالةِ الضّرر، أو طلب الطلاق، إن كانت متضررة بالبقاء معه، بعد إثبات هذا الضرر بشهادة شاهدي عدل، أو شهادة سماعٍ شائعة بحصول ما ذكر.

والتطليق للضرر مِن اختصاصِ القضاء، فإذا تضررت المرأةُ من غيابِ زوجها المدةَ الطويلة، فلها أن ترفعَ دعوى لدى المحاكمِ ضدَّ زوجها، تطلبُ التطليق، وإذا ثبتَ الضّررُ لدى القاضي طلقَ على الزوجِ جبرًا؛ رفعًا للضررِ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ ضَرَرَ ولا ضِرارَ) [الموطأ:1429]، فلا يقعُ الطلاقُ للضررِ إلَّا بحكمِ المحكمةِ، وقال ابن الجلاب رحمه الله: “وَإِذَا أَطَالَ المُسَافِرُ الغَيْبَةَ عَنْ زَوْجَتِهِ مُخْتَاراً لِذَلِكَ وَكَرِهَتْ امْرَأَتُهُ غَيْبَتَهُ، أُمِرَ بِالقُدُومِ إِلَيْهَا أَوْ نَقْلِهَا إِلَيْهِ، فَإن امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ أُمِرَ بِفِرَاقِهَا، فَإِنْ أَبَى فَرّقَ الحَاكِمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا”. [التفريع: 4/9]، ويكون طلاقه للضرر بائنًا، ولا رجعةَ فيه.

وإذا تعذر على الزوجة رفع أمرها للقضاء، فإنها تستعين بالعدول من جماعة المسلمين الثقات، من أهلِ العلم والصلاح، للنظر في واقعتها، ويقوم العدول في ذلك مقامَ القاضي في الحكم على الزوج الغائب، فيما يتعلق بالنفقة والطلاق، حسب المدة الشرعية المقرّرة لكل ما ذكر، وإذا طلق العدول على الزوج للضرر فطلاقهم نافذ، قال الصّاوي رحمه الله، في مسألة تضرر الزوجة بعدم النفقة: “فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ ‌فَجَمَاعَةُ ‌المسْلِمِينَ العُدُولُ يَقُومُونَ مَقَامَهَ فِي ذَلكَ، وَفِي كُلّ أَمْرٍ يَتَعَذَّرُ فِيهِ الوُصُولُ إِلَى الحَاكِمِ العَدْلِ، وَالوَاحِدُ مِنْهُمْ كَافٍ…” [حاشية الصاوي: 2/745]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

عبد الرحمن بن حسين قدوع

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

06//ربيع الآخر//1446هـ

09//10//2024م 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق