بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5874)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أنا (ط) متزوج، وقد كثرت المشاكل بيني وبين زوجتي لأتفه الأسباب، وبدون أسباب، وفي كل مرة تطلب مني زوجتي الطلاق، مما جعلنا نذهب للراقي للعلاج عنده، وبدأنا نتلقَّى جلساتِ علاجٍ بالرقية الشرعية منذ مدةٍ، وأفادنا الراقي بوجود سحر بيننا، وقد حاولت زوجتي الانتحار، وفي أثناء فترة العلاج جاءتني زوجتي ليلًا، وبدون أي سببٍ أيقظتني من النوم، وتهجمت عليّ بكلام سيء، وهي تطلب الطلاق مني، وشعرتُ بشيء يجبرني قهرًا على الطلاق، وحصلَ أن تلفظتُ بالطلاق الثالث بدون إرادة مني، فهل يلزمني الطلاق؟ علمًا أنّي قد طلقتُ زوجتي مرتين وأرجعتها.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فإن محاولة انتحار الزوجة قد يكون سببها وسواسًا قهريًا أو مرضًا نفسيًا، والوسواس القهري والاكتئاب هناك أدوية كثيرة تخفف وطأتها يعرفها الأطباء، فالتوجه إلى محاولة علاجه أولى.
والناس في العادة أكثر ما يتجهون ابتداء إلى السحر ويفترضون وجوده، والرقاة منهم الصادق ومنهم الكاذب ومنهم الجاهل، فلا ينبغي الاستسلام لأقوالهم في كل الأحوال:
- وفي جميع الأحوال، إن كان المطلِّق وقتَ وقوعِ الطلاقِ مسلوبَ الإرادةِ، بحيث لا يدري ما يقولُ، أو وجدَ نفسه مجبرًا على التلفظ بلفظِ الطلاق بسببِ السحر، فإنّه لا يلزمُه الطلاق، ويكون حينئذٍ في حكم المكرَهِ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَن أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ) [ابن حبان: 7219]، وفي المدونة: “قُلْتُ: أَرَأَيْتَ طَلَاقَ الْمُكْرَهِ وَمُخَالَعَتَهُ، قَالَ مَالِكٌ: لاَ يَجُوزُ طَلَاقُ الْمُكْرَهِ، فَمُخَالَعَتُهُ مِثْلُ ذَلِكَ عِندِي”[المدونة: 2/79]، وهذا في المسحورِ الذي جعله السحرُ مسلوبَ الإرادةِ، بخلافِ المسحورِ الذي لم تصلْ حالته إلى هذا الحدّ، وبخلافِ العاقل المختارِ الذي لم يفقدِ الإدراك، فهذانِ محاسبانِ على أقوالهما وأفعالهما.
- وعليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، وكان السائلُ وقتَ إيقاع الطلاقِ الثالث مسلوبَ الإرادةِ، تحتَ وطأةِ المرض أو السحرِ – كما ذكر – فطلاقُهُ غيرُ واقع، وزوجته ما زالتْ على عصمتهِ، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
07//جمادى الآخرة//1445هـ
09//12//2024م