وقف صحيح لازم خارج عن الميراث
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5884)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
تنازل عمي سنة 2017م عن قطعة أرض؛ لتكون مدرسة قرآنية، وعينني للإشراف على بنائها وإدارتها، وجاء في وثيقة التنازل ما نصه: “تنازلت عن قطعة أرض بها حجرة ودورة مياه مساحتها 96 ستة وتسعون مترا مربعا الكائنة بمحلة الحشان خلوة الزرارقة سوق الجمعة طرابلس ليبيا كي تكون مدرسة قرآنية ينتفع بها المسلمون، وتكون صدقة جارية لله تعالى، ويمنع بيعها أو التصرف بها بكاف أنواع التصرفات التي تعرقل نشاطها”، وكان يقيم في الغرفة المذكورة، لكنه خرج منها قبل موته بعشرة أشهر، وسلمها لي، وانتقل إلى رحمة الله تعالى بتاريخ: 29/ 11/ 2024م، فهل تعتبر صدقة جارية، أم وقفًا؟ وهل للورثة حق فيها؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن القطعة التي تصدق بها صاحبها قبل موته؛ على أن تكون مدرسة قرآنية هي صدقة جارية وحبس؛ لأن الصدقة إذا كانت على غير معينين واشترط منعُ بيعها، فإنها تعدّ وقفًا، قال الخرشي رحمه الله: “يَصحُّ الوقفُ ويتأبَّدُ بلفظ: وَقَفْتُ على المشهور، وبلفظ: تصدَّقْتُ بشرطِ أن يقارِنَه في تصدَّقْتُ قيدٌ كقوله: لا يباعُ ولا يُوهَبُ مثلاً… وكذلك يصِحُّ ويتأبَّدُ الوقف إذا قال: تصدَّقْتُ على الفقراء والمساكين، أو على المساجد، أو على طلبة العلم، وما أشبه ذلك إذا قارنه قيدٌ أيضا كقوله: لا يباع ولا يوهب” [شرح الخرشي على مختصر خليل: 7/ 88-89].
ويكفي في حوز الحبس على غير المعينينَ رفعُ اليدِ عنه، والتخلية بينه وبين المنتفعينَ به، قال الخرشي رحمه الله: “وَحَوْزُ الْمَسَاجِدِ والقنَاطِر والآبَار رفعُ يَدِ المحبِّس عنها وتخليتُهُ بينَها وبيْن الناسِ” [شرح الخرشي على مختصر خليل: 7/ 84].
عليه؛ فإن الأرض المذكورة وقفٌ صحيحٌ لازم، يجب على الناظر، وهو ابن أخ الواقف، تنفيذُه حسب شرط المحبِّس، وليس للورثة حق فيها، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الرحمن بن حسين قدوع
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
28//جمادى الآخرة//1446هـ
30//12//2024م