بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2296)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
لي دين عند شخص، مرت فترة طويلة وأنا أطالبه به، دون جدوى، وأخيرًا أنكر أن لي عليه دينًا، ولي شهود عليه، بل قام بتكسير زجاج سيارتي في آخر مرة طالبته فيها بديني، وأخيرًا توجهت إلى القضاء، ووكلت محاميًا، وصرفت العديد من المصروفات والأموال، وعندما علم المحامي بما قام به خصمي؛ قال إنه سيطالب لي بتعويض عما لحق بي، فهل يجوزلي المطالبة بالتعويض؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فأخذُ التعويض عن تأخر رد المال لا يجوز شرعًا؛ لأنه زيادة على الدَّين، وهي ربا، والربا محرم، وهو من أكبر الكبائر، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون) [آل عمران:130- 132]، وعن جابر رضي الله عنه قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء) [مسلم:1598]، ولأن التعويض عن تأخير سداد المال عقوبة بالمال، زائدة على العقوبة المقدرة شرعًا، وهي وجوب رد المال، قال الدسوقي رحمه الله: “أَمَّا الْعُقُوبَةُ بِالْمَالِ فَقَدْ نَصَّ الْعُلَمَاءُ على أنها لَا تَجُوزُ” [حاشية الدسوقي:46/3].
أما تعويضك عن ما قام به خصمك من كسرٍ لزجاج سيارتك؛ فمن حقك المطالبة به؛ لما تقرر في الشريعة من جبر الضرر المادي، ورفعه، ولحديث أنس رضي الله عنه قال: أهدت بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إليه طعامًا في قصعة، فضربت عائشة القصعة بيدها فكسرتها، وألقت ما فيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (طعام بطعام، وإناء بإناء)، وفي لفظ: فقالت عائشة: يا رسول الله ما كفارته؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إناء كإناء، وطعام كطعام) [الترمذي:1359 وقال: حديث حسن صحيح].
أما فيما يتعلق بأجرة المحامي فيجوز حملها على الخصم، إن كان ظالما؛ لأنه ضرر حقيقي وقع عليكم سبَّب هو فيه، والظالم أحق بالحمل عليه، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
محمد الهادي كريدان
أحمد ميلاد قدور
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
09/1436/06هـ
30/2015/03م