طلب فتوى
الأسئلة الشائعةالفتاوىالمواريث والوصايا

حكم تأخير قسمة التركة وتصرف بعض الورثة فيها

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5934)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

ما حكم تأخيرِ قسمة التركة، وتصرفِ بعض الورثة فيها دون الباقي، وتهديدِ الأم -تصريحًا أو تلميحا- بقولها: لن تسامحَ في حال تمتِ القسمة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن الواجبَ على الورثة حصر تركة الميت فور وفاته، ومعرفة مقدارها؛ لأنها صارت ملكا للورثة ولم تعد من أملاك الميت.

والواجب قسمتها على مستحقيها حسب الفريضة الشرعية بعد إخراج الوصايا المأذون بها والديون الواجبة على الميت، قال تعالى بعد ذكر كل فريضة من الفرائض: (مِنۢ ‌بَعۡدِ ‌وَصِيَّةٖ يُوصِي بِهَا أَوۡ دَيۡنٍۗ) [النساء: 11].

وليس من حق أحد الورثة المنع من قسمة التركة ولا تأخيرها ومن فعل ذلك يعدّ متعديا مانعا غيره من حقّه غاصبا له، سواء كان أمّا أو غيرها من الأب أو الإخوة الكبار، ولا يجوز استغلال التركة بالسكنى ونحوها من قِبل بعض الورثة، إلا بقدر نصيبه منها، وهو بمنزلة الشريك للورثة في هذا المال، فإن انتفع بأكثر من نصيبه؛ لزمته أجرة المثل فيما زاد لبقية الورثة، قال الدّسوقي رحمه الله: “إِذَا كَانَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ شَخْصَيْنِ مَثَلاً، وَأَشْغَلَهَا أَحَدُهُمَا بِالسُّكْنَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ إنْ سَكَنَ فِي قَدْرِ حِصَّتِهِ، فَإِنْ سَكَنَ أَكْثَرَ مِنْهَا رَجَعَ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي عَدَمِ اتِّبَاعِ شَرِيكِهِ لَهُ إلاَّ هَذَا الشَّرْطُ، وَهُوَ سُكْنَاهُ قَدْرَ حِصَّتِهِ” [حاشية الدسوقي: 3/466].

ولا تطاعُ الأم إذا منعت قسمة التركة، ولا تجب طاعتها في قولها: “لن أسامح من طلب القسمة”؛ لأنه تعدٍّ منها لا يلتفت إليه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف) وقال: (لا طاعة لمخلوق في معصية الله)، وقال المقري رحمه الله: “وجوب رضى الآباء مشروطٌ بأن لا يؤدي إلى معصية” [القواعد: 609].

فلا يجوز للأم ولا لغيرها أن يلوّح بمثل هذا القول من إظهار الكراهية والتبرّم من أخذ الورثة حقوقهم؛ لأنه يوقع الورثة في الحرج، وربما استجاب بعضهم كارها بسيف الحياء، وما أخذ بسيف الحياء يعد غصبا فتكون الأمّ بذلك آثمة، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

20 شعبان 1446 هجرية

19 فبراير 2025م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق