بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5943)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
في منطقتنا مسجدٌ تُقام فيه صلاة الجمعة والجماعات، ونظرًا لضيق مساحته، تم بناء مصلًّى مستقلٍّ مخصصٍ للنساء، يفصله عن المسجد طريقٌ يزيدُ عرضه على ثمانية أمتار، وقد تم تزويدُ المصلى بمكبرات صوت وشاشة تنقل مباشرةً صلاة الإمام؛ لتمكين النساء من الاقتداء به، فهل تصح الصلاة في هذا المصلى بهذه الكيفية؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ الضابط في صحة اقتداء المأموم بإمامه هو القدرة على متابعته بواحد من الأمور الآتية، إمّا برؤية الإمام، أو رؤية بعض المصلين معه من بابٍ أو كُـوّةٍ، أو مِن جزءٍ مِن المسجد غيرِ مسقوف، أو كانوا لا يرونهُ، ولكن يسمعونَ تكبيرهُ دونَ مكبراتِ الصوت، بحيث يمكنهم متابعته، ومعرفةُ انتقالاته، وسهوِهِ إذا سَهى، ونحو ذلك، قال الحطاب r: “وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْمَذْهَبِ قَالُوا: مَرَاتِبُ الِاقْتِدَاءِ أَرْبَعَةٌ، إمَّا رُؤْيَةُ أَفْعَالِ الْإِمَامِ، أَوْ أَفْعَالِ الْمَأْمُومِينَ، أَوْ سَمَاعُ قَوْلِهِ، أَوْ سَمَاعُ قَوْلِهِمْ” [مواهب الجليل: 112/2]، ويجوز الفصل الصغير بين المأموم وإمامه، بحيث لا يمنع هذا الفاصل من سماع الإمام أو بعض المأمومين معه، أو رؤية فعل أحدهما، قال عليش رحمه الله: “(وَ) جَازَ (فَصْلُ مَأْمُومٍ) عَنْ إمَامِهِ (بِنَهْرٍ صَغِيرٍ) أَيْ غَيْرِ مَانِعٍ مِنْ سَمَاعِ أَقْوَالِ الْإِمَامِ أَوْ مَأْمُومِيهِ أَوْ رُؤْيَةِ أَفْعَالِهِ أَوْ أَفْعَالِ مَأْمُومِيهِ، وَمَفْهُومُ صَغِيرٍ امْتِنَاعُ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِنَهْرٍ كَبِيرٍ مَانِعٍ مِمَّا ذُكِرَ (أَوِْ طَرِيقٍ) صَغِيرٍ كَذَلِكَ”[ منح الجليل:1/ 375].
وعليه؛ فإن كانت النساء في المصلى يَريْنَ المصلين في المسجد مع الإمام أو يسمَعن تكبيرهم دون مكبر الصوت، فاقتداؤهنّ بالإمام صحيح، وإن كانت النساء لا يَرَيْن المصلين ولا يسمعن التكبير إلا من خلال الشاشة ومكبر الصوت فلا يصح اقتداؤهنّ بالإمام؛ لعدم توفر الشروط المتقدم ذكرها، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الرحمن بن حسين قدوع
عبد الدايم بن سليم الشوماني
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
25//شعبان//1446هـ
24//فبراير//2025م