طلب فتوى
البيعالفتاوىالمعاملات

مراجعة عقد مرابحة إسلامية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5960)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أنا صاحبُ شركة لاستيراد الأدوية والمعدات الطبية، وأعاني من شحٍّ في رأس المال اللازم لتوفير البضائع باستمرار، فتقدمتُ بطلب إلى مصرف (س) لمنحي قيمة مالية، لغرض الاستمرار في نشاطي، فوافق المصرف على أن يشتري البضائع ثم يبيعها للشركة، على أن يُسدَّد الثمن على أقساط، وقد أرفقت نسخة من العقد قبل توقيعه للاطلاع عليه، وبيانِ حكم هذه المعاملة.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالعقد المذكور في السؤال هو عقد مرابحة للآمر بالشراء، ويشترط لصحته توفر الشروط الآتية:

  1.  يحدد المشتري السلعة التي يريدها.
  1.  يَعدُ المشتري المصرفَ بشراء السلعة إذا اشتراها وعدًا غير مُلزم.
  1. يقوم المصرف بشراء السلعة -سيارة أو أثاث أو غيره- من البائع، وبذلك تدخل في ملكه، ويقبضها قبضًا عرفيًّا، كل سلعة بحسبها.
  1. يوقع المشتري -إذا أراد- بعد ذلك مع المصرف عقد بيع المرابحة، ويستلم السلعة.

ويتم قبل عقد الشراء التأكد من ملكية المصرف، عن طريق موظفي التدقيق الشرعي، الموجودين في كل فرع مصرفيّ يتعامل بالمرابحة.

ولجواز الشراء بالمرابحة شرطان؛ الأول: متابعة المدقق الشرعي للمصرف؛ للتحقق من توفر الخطوات المذكورة سابقًا، الثاني: عدم بيع المشتري السلعة التي اشتراها للمالك الذي اشترى منه المصرف.

وبعد الاطلاع على العقد تبينت فيه بعض المخالفات، وهي كالتالي:

جاء في المادة (6): “يلتزم الطرفان عند توقيعهما لهذا العقد بتسليم وتسلم السلعة، وفي حال تأخر الطرف الثاني عن تسلم السلعة في مدة / أيام عمل من توقيع العقد، فإنه يعد ممتنعًا عن التسلم، وعندها يجوز للطرف الأول بيع السلعة على حساب الطرف الثاني، واستيفاء مقدار الضرر الفعلي الناتج عن إبرام البيع، وإيداع باقي القيمة في حسابه الجاري، أو فسخ هذا العقد دون الرجوع للطرف الثاني، وفقًا لما هو مقرر بنصوص هذا العقد”…

المخالفة في هذا البند تتمثل في أنه لا يحقّ للبائع فسخ العقد أو بيع السلعة بسبب تأخر المشتري في تسلمها؛ لأنه بعقد البيع انتقلت الملكية إلى المشتري، وللبائع أن يطلب من المشتري ضرورة تسلم السلعة، وأنه غير ضامن لها عند تأخر المشتري عن تسلمها، وله أن يفرض على المشتري دفع أجرة مقابل بقاء السلعة في حراسته، أما فسخ العقد أو بيع السلعة فليس من حق البائع.

وجاء في المادة (9): “في حالة حدوث حسم على ثمن السلعة من المورد الأول لها فإنه سيتم تخفيض تكلفة السلعة المباعة للطرف الثاني بقيمة الحسم في حال حدوثه قبل إبرام عقد بيع المرابحة، وستخفض قيمة ذمم المرابحة للطرف الثاني بمقدار الحسم، في حال حدوثه بعد إبرام عقد بيع المرابحة، كما أنه سيودع مبلغ الحسم في الحساب الجاري للطرف الثاني في حال حدوثه بعد سداد الأخير لذمم المرابحة، فإن لم يوجد يودع مبلغ الحسم في حسابات العملاء الراكدة لصالح الطرف الثاني في حال أنهى علاقته بالمصرف”.

المخالفة في هذا البند السابق هي أنّ التزامَ البائع تحمّل نقصِ السعرِ وضمانَه بعد بيعهِ للمشتري، هو مِن شروطِ الحطيطة من الثمن التي تفسدُ العقد؛ لأنّ هذا الالتزامَ والشرطَ يجعلهُ من عقودِ المخاطرة والغرر؛ فهو يؤولُ إلى جهالةٍ في الثمن، وقد نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الجهالة والغرر [مسلم: 1513]، ويمكن تلافي هذه المخالفة بألا يلتزم البائع ما ذكر، ولا ينص عليها في العقد، وله أن يتبرع بها بعد العقد.

وعليه؛ فيجب تعديل المادتين المذكورتين، والتقيد بالشروط المذكورة لجواز البيع بالمرابحة، وعلى رأسها أن يعطى المشتري للسلعة من البنك الخيارَ بعد تملك البنك للسلعة، في إتمام العقد وعدمه، وإلَّا يُعط له هذا الخيار فالعقد فاسد؛ لأنه يؤول إلى بيع الشيء قبل تملكه، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

حسن بن سالم الشريف

عبد العالي بن امحمد الجمل

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

09// رمضان// 1446هـ

09// مارس// 2025م 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق