طلب فتوى
الإجارةالبيعالشركةالفتاوىالقرضالمعاملات

بيع المنافع المضمونة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5973)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

نحن مكتب وساطة عقارية، عرضَتْ علينا إحدى الشركات أن نكون وكلاء لهم، في تقديم خدمات الحج والعمرة والعلاج بالخارج، عن طريق أحد المصارف، بحيث يأتينا العملاء عن طريق المصرف، ويدفع لنا المصرف التكاليف سلفًا، على أن يستردها من العميل بالتقسيط دون فوائد، ويكون له نصيبٌ من الأرباح يأخذُها من الشركة.

فما حكم هذه الأرباح التي يأخذها المصرف من الشركة لكونه أقرض العميل؟ حيث إن العميل لن يدفع أيَّ قيمة زائدة للمصرف.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فبعد الاطلاع على العقد المبرم بين المصرف وشركة خدمات الحج والعمرة، تبيَّن أنّ العقدَ بينهما هو شراء المصرف لمنافع الحج والعمرة من شركة خدمات الحج والعمرة، والمصرف يريد أن يبيع هذه المنافع التي اشتراها للزبائن، فلا تكون المعاملة بين المصرف والزبونِ من باب الإقراض، بل هي من بيع المنافع المضمونة، فليس ما يأخذهُ المصرف من الأرباح هو من قبيل النفعِ الذي جرهُ القرض.

وتكون صورة العقد الوارد في السؤال جائزة إذا ملك المصرف المنفعة بالفعل بصورة صحيحة، ولا يتم له ذلك إلا إذا دفع ثمن عقود المنافع التي يريد شراءها من شركة الحج والعمرة معجَّلا عند التعاقد، ثم بعد ذلك إذا اشتراها على هذه الصورة، ودفع ثمنها يجوز له أن يبيعها للزبائن بشرط تعجيل الثمن من الزبون نقدا، أما إذا كان شراء الزبون منفعة الحج والعمرة من المصرف بالتقسيط، فلا يجوز إلا إذا شرع الزبون في السفر إلى العمرة بالفعل عند توقيع العقد أو قريبا منه، في يومين أو ثلاثة.

أما إذا كان الزبون يشتري منفعة العمرة من البنك بالتقسيط والسفرُ لا يتم إلا بعد ذلك بمدة فالعقد فاسد؛ لأنه من الدين بالدين، فإن السلعة والمنافع مضمونٌة في ذمة المصرف والثمن مضمون في ذمة الزبون وهو من ابتداء الدين بالدين المنهي عنه.

قال الخرشي رحمه الله في باب الإجارة: “وَكَذَلِكَ يَجِبُ تَعْجِيلُ الْأَجْرِ إذَا كَانَ فِي مَنَافِعَ مَضْمُونَةٍ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا، وَإِلَّا أَدَّى إلَى ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، بَيَانُهُ أَنَّ ذِمَّتَهُ مَشْغُولَةٌ لَك بِالدَّابَّةِ وَذِمَّتَك مَشْغُولَةٌ لَهُ بِالدَّرَاهِمِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا أَنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِي السَّيْرِ لَجَازَ التَّأْخِيرُ لِانْتِفَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ حِينَئِذٍ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ… والْمُرَادُ: لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَتَأْخِيرُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ لَا يَضُرُّ” [شرح الخرشي: 7/4،3].

عليه؛ فإنّ العقد المذكور بين المصرف وزبائنه من إجارة الحج والعمرة بالتقسيط عقدٌ فاسدٌ شرعًا، إذا كان موعدُ الرحلة متأخرًا عن زمن إبرام العقدِ أكثرَ مِن ثلاثة أيام، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الرحمن بن حسين قدوع

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

26/رمضان/1446هـ

26/مارس/2025م    

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق