طلب فتوى
الإجارةالغصب والتعديالفتاوىالمعاملات

حكم العمل في شركة الاستثمار الوطني القابضة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم

رقم الفتوى (5976)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أنا موظف، أعمل منذ سنة لدى شركة الاستثمار الوطني القابضة، وقد أسست هذه الشركة بموجب القانون رقم (1) لسنة 1986، وينص هذا القانون على أن رأس مال الشركة يكون باستقطاع 1.5% من مرتبات جميع الموظفين في الدولة الليبية شهريًّا، وقد استمر استقطاع هذه النسبة من سنة 1986م إلى سنة 2015م، حيث توقف الاستقطاع بموجب قرار من المحكمة العليا بعدمِ دستورية النص، وبعد ثورة السابع عشر من فبراير طالب بعض الموظفين المستقطع منهم من الدولة الليبية بحقوقهم، وقد صدر قانون سنة 2015 من المؤتمر الوطني العام، بإلزام الشركة بردِّ حقوق الموظفين، فتم ردُّ بعضها وديًّا، ثم بعد مدة أوقفَ الرد، فلجأ الموظفون إلى المحاكم للمطالبة بحقوقهم، ردًّا لقيمة الاستقطاع وقيمةِ الأرباح؛ لأن قانونَ إنشاء الشركة ينص على أنّ المُستقطعَ منه مساهمٌ في الشركة، وأن هذه الاستقطاعات عبارة عن أسهم، لكن نود أن نؤكد أن الاستقطاع يكونُ جبرًا بموجب القانون.

وأنا بصفتي موظفًا في الإدارة القانونية بالشركة، مكلفٌ بإتمام إجراءات الدعاوى المرفوعة ضد الشركة، مِن قِبل الموظفين أو المساهمين المطالبين بحقوقهم، كاستلام الإعلانات من المحاكم، وتوفير المستندات للمحامين المدافعين عن الشركة ضد هؤلاء الموظفين، المطالبين بأسهمهم أو حقوقهم، وتوكيل المحامين، وأتقاضى مرتبي نظير هذا العمل، فما حكم عملي في هذه الشركة عامة والإدارة القانونية خاصة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فكل ما حصل بموجب القوانين الجائرة، التي أباحت الاستيلاء على أموال الناس دون رضاهم، هو تَـــعَـدٍّ وغصبٌ، وأكلٌ لأموال الناس بالباطل، والله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ﴾ [النساء:29]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلمٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) [النسائي:11325].

ولا يجوز للشركة التي أُعطيت لها هذه الأموالُ ظلمًا أن تتمسك بها، بل الواجب على القائمين على الشركة رد الأموال لأصحابها، والتحلل منهم اليوم، قبل ألّا يكون دينارٌ ولا درهم.

ولا يجوز للموظفين في الشركة والمحامينَ الدفاعُ عن الشركة، ضدّ الدعاوى التي يرفعها المستحقون لاسترداد الاستقطاعات، وفقا للقانون الصادر عن المؤتمر الوطني، ولا البحثُ عن الحيل القانونية، التي تؤدي لأكل المال بالباطل، أو ذهابِ الحقِّ إلى غير أهله؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان، والمجادلة عن الظالمين، والله تعالى يقول: ﴿وَلَا ‌تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ﴾[المائدة: 2]، ويقول سبحانه: ﴿وَلَا تُجَٰدِلۡ عَنِ ٱلَّذِينَ ‌يَخۡتَانُونَ ‌أَنفُسَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمٗا﴾ [النساء: 107].

عليه؛ فلا يجوز لك العمل في هذه الشركة؛ سواء في الإدارة القانونية أو غيرها، حتى تستأنف رد المساهمات لأصحابها الراغبين في استردادها، كما نص عليه القانون الصادر عن المؤتمر الوطني.

ويجب على من ولّاه الله تعالى أمرَ المسلمين، أن يسعى في تطبيق قرار المحكمة العليا والقانون الصادر عن المؤتمر الوطني، وسدِّ أي ثغرةٍ قانونية مِن شأنها أن تؤدي لاستمرار أكلِ المال بالباطل؛ حتى يتمكنَ الناس من استردادِ حقوقهم التي غصبت منهم بمقتضى قانون إنشاء الشركة.

وتَخلّفُ الجهاتِ المسؤولة التي تقع هذه الشركة تحتَ مسؤوليتها عن تغيير هذا المنكر، هو مِن الغشِّ للمسلمين، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ، وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) [مسلم: 142]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الرحمن بن حسين قدوع

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

07//شوال//1446هـ

06//04//2025م 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق