ميراث المفقود
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3257)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
فُقد عمي (س) سنة 1912م، وكان آخر مكان شوهد فيه؛ معسكر في غريان، والآن يريد الورثة قسمة أملاك جدي، والمفقود أحد الورثة، فكيف نتصرف في ميراثه؟ علما بأنه حال فقده لم يترك إلا أخوين شقيقين، وأخًا لأب، وأختًا شقيقة، ولم نرفع قضية بخصوص فقده إلى المحكمة آنذاك.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنه لا يحكم بوفاة المفقود الذي لا يعلم حالهُ، إلا بعد انقضاءِ مدةِ التعمير، وهي بلوغُه سبعينَ سنةً مِن يومِ ولادته، فإذا بلغَ ذلك الحدَّ يحكمُ بوفاتهِ، عن طريق المحكمةِ المختصة، وذلك بعدَ رفعِ دعوى بطلبِ الحكم بالوفاةِ، فإذا صدرَ حكمٌ بذلك بناءً على بلوغِهِ سنّ التعميرِ؛ يرثُه حينئذٍ مَن كان حيًّا مِن ورثته بعدَ صدورِ الحكمِ بموتِه؛ قال ابن رشد رحمه الله عن المفقودِ: “وأما مالُه فموقوفٌ، لا يورث عنه حتى يتحققَ موتُه، أو يأتي عليه مِن الزمانِ ما لا يحيَا إلى مثلهِ، واختلف في حدِّ ذلك، فروي عن ابن القاسم سبعونَ سنة، وقاله مالكٌ، وإليه ذهبَ عبد الوهاب، واحتجّ له بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعمارُ أُمتِي ما بينَ الستينَ إلى السبعينَ)؛ إذ لا معنى لقولهِ إلّا الإخبار بما يتعلقُ به الحكمُ” [المقدماتُ الممهدات:531/1]، وفي المدونةِ: “إنما يرثُ المفقودَ ورثتُهُ الأحياءُ يومَ جعلتهُ ميتًا” [33/2].
وعليه؛ فإن كان الواقع ما ذكر في السؤال، فإنّ المفقودَ تجاوزَ عمرهُ الآن السبعينَ سنة، وعلى الورثة رفعُ دعوى إلى القضاءِ، وبعد الحكم بوفاتهِ توزّعُ التركةُ، ويعدُّ المفقودُ قبلَ صدورِ الحكم حيّا، يرثُ مَن ماتَ قبلَه مِن والديهِ أو غيرِهما، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
13/رجب/1438هـ
11/أبريل/2017م