بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3303)
ورد إلى دار الإفتاء الأسئلة التالية:
السؤال الأول/ وجد رجل في مصحف في المسجد عشرة دنانير، فأراد التصدق بها، فقال له ابنه: لا يجوز؛ لأنها وقف، وتوضع في صندوق التبرعات بالمسجد، فما الحكم؟
السؤال الثاني/ قطعة أرض معروضة للبيع بسعرين: الأول/ نقدًا بخمسة وعشرين ألفا، والثاني/ بصك مصدق بثلاثين ألفًا، فما حكم ذلك؟
السؤال الثالث/ هل يجوز للمرأة المسلمة أن تظهر في الإذاعة المرئية، لقراءة الأخبار، أو تقديم برنامج؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالمال المسؤول عنه في السؤال الأول ليس وقفًا، وعلى الرجل الذي وجده تعريفه في المسجد عدة مرات، بأنه وجدَ مالًا في المسجد، فإذا جاءه من يدعيه، وعرفه، سلمه له، وإلا فليتصدق به، بوضعه في صندوق المسجد، ولا يتصدق به قبلَ التعريفِ مرارًا عديدة، ولمدة طويلةٍ، لا مرة أو مرتين، حتى ييأس من صاحبه، ومدة تعريفِ اللقطة في الشرعِ هي عام.
وأما السؤال الثاني، فلا مانع من عرض السلعة بسعرين، والمشتري يختار أحدهما عند العقد، ولا يتفرقا حتى يُبت في الأمر بأحد السعرين، والزيادة في ثمن السلعة عند البيع بالصكوك جائز، ولا مانع منه.
وأما السؤال الثالث، فالأصل الذي تدعو إليه الشريعة هو مجانبة المرأةِ مخالطةَ الرجال، ومن المعلوم أن مشاركة المرأة في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، تترتب عليها مخالفات شرعية؛ منها المخالطة للرجال، وأنه عادة لا يتم ظهورها على الشاشات – حتى لو كانت محجبة – إلّا بالمحافظة على إظهار الزينة، إمّا على الوجهِ، أو بارتداء أحسن اللباس، وأكثرُ حجاب النساءِ اليومَ هو شبهُ حجابٍ، وليس حجابًا، والله تعالى يقول: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَائِهِنَّ أَوْ ءَابَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور:31]، وأباحَ الله ما ظهرَ منها إذا لم تكنْ فيه فتنةٌ، كما هو الحالُ في وقتنا، فأكثر مَن يظهرنَ اليومَ على الشاشات بما يشبهُ الحجابَ، يجعلنَ المشاهدَ مشدودًا إلى الصورةِ أكثرَ مِن الخبر.
وقد جاءتِ الشريعة بسدّ الطرقِ إلى الفتنةِ؛ قال الله تعالى: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) [الأحزاب: 32- 33]، قال أبو عبد الله القرطبي رحمه الله: “وإن كان الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم، فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى، هذا لو لم يرد دليل يخص جميع النساء، كيف والشريعةُ طافحةٌ بلزوم النساء بيوتهن، والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة، فأمر الله تعالى نساء النبي صلى الله عليه وسلم بملازمة بيوتهن، وخاطبهنَّ بذلك تشريفًا لهن، ونهاهنَّ عن التبرج، وأَعلمَ أنه فعلُ الجاهلية الأولى” [الجامع لأحكام القرآن:179/14]، ناهيك بالمخالطة غير المنضبطة في أجواءِ الإعلامِ وأروقتِهِ، إلّا مَن رحمَ ربك.
وعند الحاجة إلى عمل المرأة، أو حاجتها إلى العمل؛ فهناك مجالاتٌ كثيرةٌ تناسبها، مع وضع الضوابطِ الشرعيةِ فيما يتعلقُ بالخلوة والاختلاطِ، ونحوِ ذلك، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
25/شعبان/1438 هـ
22/مايو2017م