بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3313)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
توجد مقبرة قديمة في سوق الجمعة بمحلة الفتح، وهي مقبرة “أبو سيف”، لم يدفن فيها منذ فترة طويلة، تزيد عن خمسين سنة، والآن يريد أهالي المنطقة تنظيفها، وتجهيزها للدفن فيها من جديد، والأمر الذي ألجأنا إلى هذا؛ هو امتلاء المقبرة المجاورة، مقبرة “أبو قندولة” بالقبور، ولم يعد يوجد بها مساحة كافية للدفن، وقد أحلنا هذا الطلب إلى الجهات ذات الاختصاص، فأحالتنا إلى دار الإفتاء، لإبداء الرأي الشرعي فيها.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالأصل أن لا يتصرف في المقبرة بأي نوع من أنواع التصرف؛ لأن القبر حبس على صاحبه مادام فيه، قال خليل رحمه الله: “والقبر حبس لا يمشى عليه، ولا ينبش مادام به” [المختصر:52]، وقال ابن الحاج رحمه الله: “اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُدْفَنُ فِيهِ الْمُسْلِمُ وَقْفٌ عَلَيْهِ، مَا دَامَ شَيْءٌ مَوْجُودًا فِيهِ حَتَّى يَفْنَى، فَإِنْ فَنِيَ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ دَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ عِظَامِهِ فَالْحُرْمَةُ بَاقِيَةٌ لِجَمِيعِهِ” [الخرشي:144/2]، ولما يؤدي له هذا النبش من إيذاء للأموات، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كسر عظم الميت ككسره حيًّا) [ابن حبان:3167].
عليه؛ فإن كانت المقبرة، التي يراد إعادة الدفن فيها، دارسة غير عامرة، فيجوز إعادة استعمالها من جديد، بردمها وإعادة الدفن فيها؛ قال الدردير: “… إنَّهُ إذَا عُلِمَ أَنَّ الأَرْضَ أَكَلَتْهُ، وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ عِظَامِهِ، فَإِنَّهُ يُنْبَشُ؛ لَكِنْ لِلدَّفْنِ، أَو اتِّخَاذِ مَحَلِّهَا مَسْجِدًا، لا لِلزَّرْعِ وَالْبِنَاءِ” [الشرح الصغير:578/1]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الكوحة
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
26/شعبان/1438 هـ
23/مايو/2017م