استعمال جثت المهاجرين لغرض التعليم
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3405)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
نحن القائمين على كليةِ الطبِّ في منطقةِ في الشرقِ الليبيّ، نسألُ عن حكمِ الاستفادةِ مِن جثثِ المهاجرينَ غير الشرعيين؛ لغرض التشريح، وتعليم الطلاب بالكلية؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ مَن وُجد ميتًا في بلاد المسلمين، وجُهل دينُه، فإنه يُستأنسُ بخصالِ الفطرة لمعرفة دينه، من الختان ونحوه، وذلك عملا بموافقةِ ظاهر الحالِ للأصل، وهو الحكمُ بإسلامِ أهل الدار، فإن وُجد مختونًا غُسّل وصُلّي عليه، قال ابن رشد رحمه الله: “وقال ابن وهب في سماع عبد الملك: أنه يجرُّ يده على ذكره، فإن كان مختونًا غسله وصلى عليه” [البيان والتحصيل:277/2]، وكذلك إن لم توجد به علاماتُ إسلامٍ ولا كفر، فإنه يحكم بإسلامِه، عملًا بالأصل، وهو الدار، وللمسلم حرمةٌ حال موته ككونه حيًّا، وقد أخرج أبو داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كسر عظم الميت ككسر عظم الحي).
والأصلُ عدم جواز اتخاذ جثة المسلم غرضًا لتعليم الناس، إذا وُجدت جثةٌ بها علاماتُ الكفر، كنحو لبس الصليب، وما كان من خصائص الكفار، لحرمة المسلم، أمّا في حالِ عدمِ جثةِ الكافر، فإنّه يجوز آنذاك اتخاذُ جثة المسلمِ لغرض التعليم، بعد إذن الجهات المختصة، لما يترتبُ عليها مِن مصلحة عامةٍ، مِن دفعِ الأمراض، وحصول السلامة للمجتمع عامة، وهي مقدمةٌ على المصلحة الخاصةِ، المتمثلةِ في عدمِ تشريحِ جثة المسلم خاصّة، ولما تقررَ أنّ تعلم الحرَفِ والفنونِ التي لا تقومُ حياةُ الناس إلا بها، كالطبِّ وغيره، هي مِن جملة فروضِ الكفاية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجبٌ، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
09/صفر/1439هـ
29/أكتوبر/2017م