بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3416)
الأستاذ/ رئيس الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، وبعد:
فبالنظر إلى مراسلتكم بخصوص عجز المستشفيات العامة عن تقديم الخدمات العلاجية اللازمة للمرضى، بسبب نقص السيولة، وضعف دعم الدولة، وقيام الهيئة بمناقشة هذه المشكلات مع الأطباء، والقائمين على مركز طرابلس الطبي خاصة، وإفادة الأطباء أن بإمكانهم إجراء عشرين عملية جراحية لمرضى القلب شهريا، تكلفة كل عملية (2000) دينار، علما بأن تكلفتها في المصحات الخاصة تصل إلى (20000) دينار، أي أن التكلفة الإجمالية للعمليات شهريا هي (40000) دينار، وحاجة وحدة العناية بقسم الإسعاف إلى ثلاثين ممرضة شهريا، بواقع عشرة ممرضات يوميا على مدار 24 ساعة، أجرة كل ممرضة يوميا (240) دينار ليبي، والقيمة الإجمالية لأجرتهن هي (72000) دينار شهريا، وسؤالكم عن حكم قيام الهيئة العامة للأوقاف بتحمل التكاليف المذكورة، من الحساب الخاص بصندوق الزكاة، على أن يتم الصرف على المحتاجين من المرضى، وفق المعايير المحددة بصندوق الزكاة في صرف الأموال الزكوية، وتحت إشراف مباشر من لجنة إدارة الصندوق، وذلك مؤقتًا، إلى حين انتهاء الأزمة.
والجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن استنفدتِ الجهاتُ المسؤولة عن المستشفى كافةَ الطرقِ، مع الجهاتِ المختصة بصرف الميزانيات، وتعذر عليها الحصول على المالِ، الذي يمكنها مِن حفظِ حياة الناس، ولم تتحصلوا على المالِ المطلوبِ مِن غير الزكاة – كريع الأحباس العامة، التي أصلها وقف لم يعين الجهة التي يصرف إليها، أو كان أصلها تركة بدون وارث، أو الأوقاف التي انقطعت مصارفها – فإنه يجوز لكم حينئذ تغطية تكاليف عمليات القلب وأجرة طاقم الخدمات المساعدة من مال الزكاة؛ لأنّ النفسَ مِن الضرورياتِ الخمس التي يجبُ حفظُها، ويرى بعضُ العلماء أنّ الإنفاقَ في هذا البابِ يدخل في مصرف: (وَفِي سَبِيلِ اللهِ)؛ قال الكاساني رحمه الله: “وأما قوله تعالى: (وَفِي سَبِيْلِ اللهِ) فهو عبارة عن جميعِ القُرَبِ، فيدخلُ فيه كل مَن سعى في طاعةِ الله وسبيل الخيراتِ، إذا كان محتاجًا” [بدائع الصنائع:245/2]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
25/صفر/1439هـ
14/نوفمبر/2017م