بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3455)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
بعد وفاة والدي تم بيع قطعةِ الأرضِ، وتقسيـمُها بين الورثة حسبَ الفريضة الشرعية، وبقيَ بيتُ العائلة تسكنهُ أمي وبناتها، فهل يجوز لأمي أن تتنازلَ عن ثمنها في هذا البيت لبناتها؟ وهلْ يصح هذا التنازل إذا تبين عدم رضا الأبناء أو بعضهم؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الهبةَ لبعضِ الورثةِ دونَ البعضِ، إذا كانَ الغرضُ منها حرمان بعضِ الورثة والإضرارَ بهم، فإنها لا تجوز؛ لمخالفتها قصدَ الشارع من قسمة الميراث بالعدلِ، قال تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ) [النساء:11]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله، واعدلوا في أولادكم) [البخاري:2587،مسلم:1623]؛ ولكن إذا لم يكن الغرضُ من الهبة هو الإضرار، وإنما مراعاة لحالِ الموهوبِ له، أو برّه وإحسانه؛ فلا حرجَ فيها، وهي داخلةٌ في العدل والإحسان الذي أمرَ الله تعالى به.
والهبة على الشيوع جائزة، بشرط الحيازة، والحيازة تتحقق بالسكنى مع الواهب؛ ففي المعيار المعرب: “وسئل أحمد بن عبد الله اللؤلؤي عن رجل وهَبَ نصفَ دارِهِ، وهو ساكنٌ فيها، فدخلَ الموهوبُ له فساكنَه فيها، وصارَ حائزًا بالسكنَى والارتفاق بمنافعِ الدار، والواهب معه على حسب ما يفعله الشريكان في السكنى؟ فأجاب: ذلك حوزٌ تامّ، والهبةُ نافذةٌ له، وكذلك كلّ مَن وهبَ جزءًا مِن مالٍ أو دارٍ، وتولى احتيازَ ذلك مع واهبِهِ، وشاركهُ في الاغتلالِ والارتفاقِ، فهو قبضٌ وحوزٌ” [196/9].
وعليه؛ فيجوز للأم أن تهب نصيبها في البيت لبناتها، مع مراعاة قول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله، واعدلوا في أولادكم) [البخاري:2587،مسلم:1623]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
22/ربيع الآخر/1439هـ
09/يناير/2018م