بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3482)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
يتقدم أشخاص إلى مكتب صندوق الزكاة طرابلس، طالبين إعانةً شهرية في المأكل والمشرب، وعند التقصي عن أحوالهم، يتبين أنهم فقراء، ويقيمون في منازل مملوكة لأشخاص آخرين، أو في مساكن خصصت لهم من جهات غير مخولة بهذا الإجراء، أو يسكنون في أماكن مملوكة للدولة، تعتبر من الزوائد، أو فوق عمارات مملوكة للدولة، مع العلم أن الصندوق قادر على توفير مساكن لهم عن طريق الإيجار، لكنهم يرفضون الانتقال إلى هذه المساكن لكونها بالإيجار ومؤقته، فهل إعانتهم في المأكل والمشرب يعتبر من باب إعانتهم على البقاء في هذه البيوت؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن من مصارف الزكاة الفقراء والمساكين، والفقير والمسكين هو الذي لا يكفيه دخله لحاجاته الأساسية؛ كالأكل والشرب والمسكن واللباس، وغيرها من الحاجيات، قال الله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة:60]، وقال الحطاب – مختلطا كلامه بكلام خليل – رحمهما الله: “(وعدم كفاية بقليل أو إنفاق أو صنعة)، يعني: أنه يشترط في كل واحد من الفقراء والمساكين أن يكون عادمًا للكفاية؛ إما بأن لا يكون له شيء أصلا، ولا له من ينفق عليه، ولا له صنعة، أو يكون له شيء قليل لا يكفيه، أوْ له مَن ينفق عليه نفقةً لا تكفيه، أوْ له صنعة لا كفاية له فيما يحصلُ منها” [مواهب الجليل:342/2].
عليه؛ فيجوز صرف الزكاة لمن ذكروا في السؤال، إن كان هذا واقعهم، وكانوا من أهل الزكاة، وينطبق عليهم وصف الفقر؛ لأن امتناعهم عن الانتقال من أماكنهم – مع فقرهم وحاجتهم – لا يبرر حرمانهم مما يحتاجون إليه لمعيشتهم من مال الزكاة، ولأن سبب عدم انتقالهم هو خوفهم من أن دفع الصندوق للإيجار قد لا يدوم فيخرجون من البيوت إلى العراء، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
13/جمادى الأولى/1439هـ
29/يناير/2018م