بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3507)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
قامت الحاجة (ط) بهبة منزلها، الكائن بمدينة طرابلس شارع عمر المختار، لابنة أختها (ف)، حيث حَوَى عقد الهبة عدةَ مواد منها:
– ما جاء في المادة الثالثة: “للواهبة حق الرجوع في الهبة في أي وقت شاءت، ودون إذن الموهوب لها وإذن جهة قضائية…. وليس للموهوب لها حق الاعتراض”.
– وما جاء في المادة الرابعة: “لا يجوز للموهوب لها حق التصرف في العقار أو أي جزء منه أو تغيير معالمه إلا بموافقة الواهبة كتابيا”.
وكان هذا التنازل في حال صحة الواهبة، ولم تتم حيازة المنزل من قبل الموهوب لها، والآن الواهبة فاقدة للعقل والإدراك، وقد جُعلتُ مؤخرًا – أنا (م) – قيما ووصيا شرعيا على الواهبة، بدعوى قضائية تحت رقم (***)، وكما وهبت المعنية جميع مجوهراتها لبنات أخواتها، المذكورات في عقد الهبة الآخر، ولم تحز إحداهنّ أيّ شيء، وبقيت هذه المجوهرات عند الواهبة، حتى بعد فقدها للإدراك والعقل، إلى أن جاءت ابنة أختها المذكورة و”الوكيلة السابقة” للحفاظ عليها، وهي إحدى الموهوب لهنّ، فما حكم الهبتين المذكورتين؟ وهل يحق لي كوصي الرجوع في الهبة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ هبة البيت هبة باطلة؛ لأن الواهبة اشترطت أن تبقى تحت تصرفها، كما جاء في المادة الرابعة، فلم تسمح للموهوب لها بالتصرف التام فيما وهبتها، وشرط صحة الهبة حصول الحوز، الذي يُمَكِّن الحائزَ من التصرف التام فيما وُهِب له قبل حصول المانع، كالمالك في ملكه، قال ابن عرفة رحمه الله في تعريف الحوز: “رَفْعُ تَصَرُّفِ الْمُعْطِي فِي الْعَطِيَّةِ بِصَرْفِ التَّمَكُّنِ مِنْهُ لِلْمُعْطَى أَوْ نَائِبِهِ” [شرح حدود ابن عرفة:366/2]، وقال أبو الحسن المنوفي الشاذلي رحمه الله: “الحيازة هي وضع اليد والتصرف في الشيء المحوز كتصرف المالك في ملكه بالبناء، والغرس، والهدم، وغيره من وجوه التصرف” [كفاية الطالب الرباني:482/2].
وعليه؛ فإن هبة المنزل تكون باطلة، بالشرط المذكور في الوثيقة، وكذا هبة المجوهرات ما دام الموهوب لهن لم يحُزْن هذه المجوهرات، ولم يتصرفن في الهبة المذكورةِ تصرّف الملاّك، قبل ذهاب عقل الواهبة، فترجع هذه الهبات إلى ملك الواهبة، ولا يتصرف فيها، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الكوحة
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
10/جمادى الآخرة/1439هـ
26/فبراير/2018م