طلب فتوى
الفتاوىقضايا معاصرة

تعويض عن أضرار حرب

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3520)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

أنا مواطن من مدينة درنة، أملك شركة لطحن الحبوب والأعلاف بمنطقة الفتائح، هذا الموقع تمركزتْ فيه قوة من مجلس شورى مجاهدي درنة؛ نظرا لموقعه المميز – حسب ما ذكر لي – ولذا بات هذا المقر في مرمى نيران جيش الكرامة، ومن تحالف معهم من الطيران الأجنبي، وعلى الرغم من المطالبة المتكررة مني لإخلاء هذا المقر؛ للمحافظة على ما تبقى منه، إلا أنهم رفضوا، بحجة أنه موقع مهم للمراقبة، مُطل على منافذ كثيرة.

وفي تاريخ: 2017/04/19م استُهدف المقر الإداري لهذا المصنع، بصواريخ الطيران التابع للكرامة، وقمتُ بمخاطبة المجلس من جديد؛ للمحافظة على ما تبقى من المصنع، لكن وُوجه هذا الطلب بالرفض مجددا، وفي تاريخ 2017/10/30م استهدف هذا المصنع بالقصف مجددا، مما أسفر عنه إتلاف للمخزن الرئيسي للمصنع، وتدمير كافة الآلات والمعدات الموجودة به.

واليوم بات المصنع كالعدم، بسبب تكرر القصف عليه.

فهل يجوز لي مطالبة المجلس – بصفته الجهة المسؤولة في درنة الآن – بالتعويض المادي عن الأضرار الجسيمة التي حلت بالمصنع؟

الجواب:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن الله حرم أموالَ الناس تحريمًا غليظًا، وجعلها كحرمةِ الدماء والأعراض، قال صلى الله علسه وسلم: (كلُّ المسلِم على المسلم حرامٌ: دمُه، وماله، وعِرْضه) [مسلم:1927]، وقد تُباح هذه الأموال للضرورة، كما في هذه الحالة؛ إذ لو خرج الثوار من هذا الموقع لتقدمتْ قوات الكرامة، وهذا ضرر عام، سيصيب المدينة بأسرها، قال سبحانه وتعالى: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [البقرة: 173] وقال سبحانه وتعالى: (إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) [الأنعام:119].

أما صاحب المصنع فله الرجوعُ إلى الجهات المسؤولة؛ لدفع التعويضات وحصر الأضرار، والمطالبة بالتعويض حسب الإجراءات المتبعة، فالقاعدة الأصولية نصت على أنّ (الضرر يزال)، فإن امتنعت هذه الجهات فلكم إحالة أمركم للقضاء؛ لتثبيت الحادثة وضمان حقوقكم، فإن تعذر رفعها في منطقتكم فلكم رفعها في المنطقة الغربية؛ فإن كثيرًا مِن أهلِ العلمِ يجيزونَ سماعَ الدعوَى على الغائبِ في العقاراتِ ونحوِها، والقولُ عندَهم في محلِّ رفعِ الدعوَى للمدّعِي؛ لأنهُ الطالبُ للحقِّ، ولأنّه إذَا تَرَكَ تُرِكُ، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

                                                                            

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

30/جمادى الآخرة/1439هـ

18/مارس/2018م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق