بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3560)
السيد/ مسؤول الملف الأمني – درنة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، وبعد:
فبالإشارة إلى مراسلتكم التي جاء فيها: للمصلحة العامة؛ أتقدم إليكم طالبا منكم النصح والإرشاد والموافقة من عدمها في الآتي:
1- الموافقة على قرار وزير الداخلية رقم 2677، الصادر في 2015م، بشأن الإذن بتجنيد أعضاء لمديرية درنة.
2- وضع لافتة على المبنى السابق لمحكمة درنة، ويكتب عليها جملة: (المجلس الأعلى للقضاء)، ويكتب تحتها: (محكمة درنة).
وبعدها يصدر قرار من المجلس الأعلى بالافتتاح وتكليف قاضٍ.
وهذا طلبهم للموافقة بذلك، نأمل منكم إبداء الرأي الشرعي.
والجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن إنشاء قوة نظامية لحفظ الأمن وردع المجرمين من الأعمال المطلوبة، الواجب اتخاذها؛ لأنه الوسيلة لحماية المدينة من العدو الخارجي، ومن المجرمين في الداخل، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وهذه فرصة سنحت لكم بفضل الله ورحمته فاغتنموها، وبادروا بتكوين هذه القوة، واحرصوا على أن يكون المنتسبون إليها من ذوي السيرة الحسنة والخبرة، واحذروا قَبول أصحاب السوابق والمجرمين، أو من يشتبه فيهم أنهم من أهل الغلو.
وتفعيل القضاء تحت غطاء المجلس الأعلى للقضاء من أهم المهمات، فإن القضاة هم الذين يقومون مقام ولي الأمر في تنفيذ الأحكام، ولا شك أن هذا إذا تحقق لكم سيضفي على المدينة انطباعًا عامًّا بالشعور بالأمن والاستقرار، وذلك باكتمال مؤسساتها وتعاونها، وسيكون له أثر إيجابي كبير في الترابط الاجتماعي، ورفعِ الحصار عنكم، والتخفيفِ من معاناة الناس، وتوقفُ المؤسسة القضائية عن العمل يضعف الاستقرارَ، والشعور بالطمأنينة والراحة بين الناسِ، ويجعل الأوضاع مهيأةً في كل وقت للفوضى والهرج.
فالسعي في تهيئة الأسباب، لرجوع المحاكم والنيابات وكل الأجهزة القضائية إلى عملها، في غاية الأهمية، فهم المؤهلون مهنيا للقيام بهذه المهام؛ لأن الفصل في الخصومات وما يتطلبه من إجراءات يحتاج إلى دربة وخبرة، لا يقدر عليها من لم يمارسها، حتى لو كان لديه علم؛ فإن الله يقول: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [النحل:43]، وليست كل القوانين المعمول بها في المحاكم مخالفة للشريعة، بل معظمها وجلها لا يتعارض مع الشريعة، والقليل منها المخالف تم تعديله في القانون الصادر من المؤتمر الوطني العام بتعديل القوانين، فيمكن تزويد القضاة بها في هدوء، وبدون شوشرة ومصادمات، فتكونون قد وصلتم إلى غرضكم بتحكيم شرع الله، دون أن تعطوا لعدوكم المتربص بكم ذريعة للكيد والمكر بكم.
وهناك عدد من المحاكم هنا في المنطقة الغربية تعمل بالقانون المعدل، وما يشكل عليهم يتوجهون بالسؤال عنه، ويأتيهم الجواب، فالعمل بالسياسة الشرعية، التي تحقق للناس ما يريدون من الخير في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلد متحتمٌ، وهو خير من المواجهات غير المتكافئة، وفقكم الله لما يحبه ويرضاه، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
08/شعبان/1439هـ
22/إبريل/2018م