بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (834)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
لدينا وثيقةُ شهادةِ (حبس) أرض بمدينة زليتن، لعائلة (ك)، تشهد هذه الوثيقة بـ(حبس) الأرض على الذكور دون الإناث، وعندما ينتهي الذكور، ترجع الأرض إلى وقف الشيخ عبد السلام الأسمر، فما حكم هذا (الحبس)؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الحبس على الذكور دون الإناث، هو محل اختلاف بين أهل العلم، والصواب الذي ترجحه الأدلة الشرعية أنه غير جائز شرعاً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم” [البخاري: 2587]، وفي المدونة: روى ابن وهب، عن محمد بن حزم، أنه حدَّث عن عمرة بنت عبد الرحمن، أنها ذكرت أن عائشة رضي الله عنها إذا ذكرت صدقات الناس اليوم، وإخراج الرجال بناتهم منها تقول: ما وجدت للناس مثلاً اليوم في صدقاتهم إلا كما قال الله تعالى: )وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَّكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ( [المدونة: 423]، وقال الإمام مالك في رواية عنه: “إنه من عمل الجاهلية” [شرح الخرشي: 88/5]، وهو اختيار الشيخ خليل في المختصر، قال: “وحرم – أي الوقف – على بَنِيه دون بَناتِه”، وهو المعتمد في أ كثر المذاهب، وهذا الحبس على الذكور دون الإناث تمّ إلغاؤُه، بصدور فتوى من مفتي الديار الليبية السابق الشيخ الطاهر الزاوي – رحمه الله – سنة (1973م)، وبعد هذه الفتوى صدر القانون رقم (16) لسنة (1973م) بإلغائه.
وعليه؛ فإن هذا الحبس لا يُعمَلُ به شرعاً ولا قانوناً، ويجب قسمة الأرض حسب الفريضة الشرعية على الورثة الأحياء، وقت صدور قرار الإلغاء المذكور، ومن مات منهم بعد ذلك فلورثته، ومن باع من الورثة شيئاً من الحبس، يحق له أن يأخذ منه قدر حصته في الفريضة الشرعية، وما زاد يرجع به على الورثة، وإن لم يكن له ورثة، رجع إلى بيت مال المسلمين، كما ذكر صاحب المعيار [المعيار المعرب: 134/1–243]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
11/ربيع الأول/1434هـ
2013/1/23