طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوى

حقوق الأب والأم وواجباتهما في تربية المحضون والقيام بشؤونه

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (864)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

           طلقني زوجي قبل سنوات، والأولاد في حضانتي، لكنه يمنعني من نقلهم بسيارتي، وقد حولتهم من مدرستهم إلى مدرسة أخرى؛ لأنها أصلح لهم، فاعترض بأنه لا حق لي في ذلك إلا بإذنه، وادعى أنه لا حق لي في الخروج بهم إلى أي مكان إلا بإذنه، فما حكم ذلك؟.

الجواب:

            الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

            أما بعد:

          فإن الحضانة هي حفظ الولد، والقيام بمصالحه، قال الدسوقي رحمه الله: “(حفظ الولد): أي: في مبيته، وذهابه، ومجيئه، وقوله: (والقيام بمصالحه): أي: من طعامه، ولباسه، وتنظيف جسمه، وموضعه”[حاشية الدسوقي:526/2]، وأجمع العلماء على أن الأم أولى بحضانة الأولاد، ما لم تتزوج، والأب له حق الرعاية والرقابة والتأديب لأولاده، قال الإمام خليل بن إسحاق رحمه الله: “وللأب تعاهده وأدبه وبعثه للمكتب”[مختصر خليل:ص139]، قال ابن عبد البر رحمه الله: “قال ابن وهب: وسئل مالك عن المطلقة، ولها ابن في الكتاب، أو بنت قد بلغت الحيض: للأب أن يأخذهما؟ فقال مالك: لا أرى ذلك، له أن يؤدب الغلام، ويعلمه، ويقلبه إلى أمه، ولا يفرق بينه وبين أمه، ولكن يتعاهده في كتابه، ويقر عند أمه، ويتعاهد الجارية، وهي عند أمها ما لم تنكح”[الاستذكار:71/23]، وقال الباجي رحمه الله: “وإذا كان الابن في حضانة أمه لم يمنع الاختلاف إلى أبيه يُعلّمه، ويأوي إلى الأم، رواه ابن حبيب عن ابن الماجشون، ووجه ذلك أن الابن محتاج إلى أن يعلمه أبوه ويؤدبه، ويسلمه إلى من يعلمه القرآن والكتابة والصنائع والتصرف، وتلك معان إنما تستفاد من الأب، فكان الأب أولى بالابن في الأوقات التي يحتاج فيها إلى التعلم، وذلك لا يمنع [حق] الحضانة؛ لأن الحضانة تختص بالمبيت، ومباشرة عمل الطعام، وغسل الثياب، وتهيئة المضجع، والملبس، والعون على ذلك كله … وتنظيف الجسم، وغير ذلك من المعاني التي تختص مباشرتها بالنساء، ولا يستغني الصغير عمن يتولى ذلك له؛ فكان كل واحد من الأبوين أحق بما إليه منافع الصبي والقيام بأمره”[المنتقى:8/137]، وعليه فإن الأم تستأذن الأب في نقل الأولاد من مدرسة إلى أخرى، إذا كان ذلك أصلح لهم، وعليه أن يوافق ما دام الأمر كذلك، ولا حق للأب في الاعتراض على الأم، ما دامت تتصرف وفق الأصلح، في خروج الأبناء ودخولهم في الأحوال العادية، وكذلك في نقلها لهم بسيارتها، إلا أن يبدي الأب سببا صحيحا، كخوفه على الأبناء لضعف الأم في القيادة، ونحو ذلك، وفي الجملة لابد من التفاهم بين الأب والأم لتحقيق مصلحة الأبناء في دينهم ودنياهم، وعدم التعنت في ذلك، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

                                                                        مفتي عام ليبيا

22/ربيع الأول/1434هـ

2013/2/3

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق