بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (897)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
أوصى والدي بوقف قطعة أرض معينة صدقة عنه، وجعلني ناظرا عليها، فهل يجوز مناقلتها مع قطعة أخرى أفضل منها، من حيث موقعها، وسعرها، وتوفر الماء بها؟ وهل يجوز بيعها وصرف ثمنها في بناء مسجد بالمنطقة، لم يكتمل بناؤه؟ وهل يجوز أن أبني مسكنا فيها؟ وهل يجوز تأجيرها؟ علما بأن هذه القطعة أقل من ثلث التركة.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن هذه الوصية نافذة، وعلى الناظر تنفيذها وفق ما نص عليه الموصي، فيجب أن يُحافظ على العقار الذي عينه الموصي، فلا يجوز بيعه، ولا مناقلته، وإن وجدت المصلحة في ذلك، ما دام بالإمكان الاستفادة منه، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه: (تصدق بأصله، لا يباع ولا يوهب ولا يورث، ولكن ينفق ثمره)[البخاري:2764]، وقال المواق رحمه الله: “لا يجوز إبدال الحبس ولا بيعه، ويترك على ما كان عليه في السنين الماضية، إعمالاً لقصد المحبس، واتباعاً لشرطه، فلا يجوز بيعه وإن ظهرت المصلحة في بيعه؛ لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذن”[المعيار:134/7]، ولا يجوز للناظر بناء مسكن له في أرض الوقف، وعليه أن يختار الأصلح لاستثمار الوقف، إما بنفسه تطوعا أو بأجرة المثل، قال العبدوسي رحمه الله: “فإن كان المحبس سمى للناظر شيئاً فيعطاه فقط، فإن لم يسم له شيئاً فجرى العمل أن يفرض له أجرة مثله، على قدر نظره وكفايته وتصرفه في ذلك”[المعيار:275/7]، وقال ابن مرزوق رحمه الله: “وحيث تكون له أجرة المثل فالذي يمكنه منها وينظر في تقديرها، الإمام الأعظم، أو نائبه, أو قاضي الجماعة, ولا يتولى ذلك الناظر بنفسه؛ لأنه كالوكيل والوصي وشبههما، ممن لا يشتري من نفسه، ولا يبيع منه، ولا ممن يتنزل منزلته من أقاربه وغيرهم، فإن فعل تعقبه الحاكم بالنظر، فيُـمضي الصوابَ ويرد غيره”[المعيار:379/7]. وقال الدسوقي رحمه الله: “ذكر البدر القرافي أن للقاضي أن يجعل للناظر شيئا من الوقف إذا لم يكن له شيء”[حاشية الدسوقي:88/4]، وللناظر أن يؤجره لغيره، قال القرافي رحمه الله:” وعلى الناظر في هذا الوقف أن يؤجره لمن شاء من طويل المدة وقصيرها، بما يراه من الأجرة المعجلة أو المؤجلة، بأجرة المثل فما فوقها”[الذخيرة:423/10]، ولا يجوز للناظر أن يأخذ أكثر من حقه، أو يحابي في الكراء، قال المواق رحمه الله: “الناظر فيه إن أكل منه أكثر من حقه، أو ضيع، فإنه ضامنه”[المعيار:128/7]، وقال: “لو حابى الناظر في الكراء لم تجز محاباته، ولا يمضي ما فعله بغبن، ولوجب أن يقف أرباب البصر، ويجعلون على المكتري كراء المثل “[المعيار:7/129]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
1/ربيع الآخر/1434هـ
2013/2/11