بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (910)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
أنا صاحب أسرة، وعندي أربعة أولاد، طلقت زوجتي مرتين في غضب، وأرجعتها، ثم حصلت لي ضائقة مالية، وليس عندي ثمن رغيف، فدخلت البيت في حالة غضب، فقالت لي: هيا طلقني، فقلت لها: أنت طالق؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الطلقة التي وقعت – كما يقول السائل – في الغضب هي الطلقة الثالثة، فإن كان يعي ما يقول يقع طلاقه، ولو كان الغضب شديداً، فعن خولة بنت ثعلبة امرأة أوس بن الصامت رضي الله عنه أنها راجعت زوجها، فغضب، فظاهر منها، وكان شيخاً كبيراً قد ساء خلقه وضجر، وأنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلت تشكو إليه ما تلقى من سوء خلقه، فأنزل الله تعالى آية الظهار، وأمره رسول صلى الله عليه وسلم بالكفارة. [ابن ماجه:2063]، فهذا الصحابيّ ظاهَرَ في حال غضبه، لكنه ألزم بالكفارة، ولم تسقط عنه لكونه غضبان، والطلاق كالظهار، ولما روي عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً قال له: إني طلقت امرأتي ثلاثاً وأنا غضبان، فقال ابن عباس: لا أستطيع أن أحل لك ما حرم الله عليك، عصيت ربك، وحرمت عليك امرأتك. [الدارقطني: 13/4، فتح الباري: 275/9]، قال الصاوي في بلغة السالك: “يلزم طلاق الغضبان ولو اشتد غضبه، خلافاً لبعضهم، وكل هذا ما لم يغب عقله، بحيث لا يشعر بما صدر منه، فإنه كالمجنون” [351/2].
وإن كان لا يعي ما يقول، ولا يشعر بما صدر منه؛ فالطلاق غير واقع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا طلاق ولا عتاق في إغلاق) [ابن ماجه: 2036، أحمد: 314/53].
وعليه؛ فإن كان الزوج يعي ما يقول، ويشعر بما صدر منه، فإن المرأة قد بانت منه بينونة كبرى، ولا يحل له ترجيعها إلى أن تنكح زوجاً آخر؛ لقول الله تعالى: )فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ)، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
4/ربيع الآخر/1434هـ
2013/2/14