بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (952)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
باع الحاج (س)، لأبنائه وهم: (ص) و (ع) و (ل) و (م) و (ن) أرضاً له، أخماساً بينهم، عام 1315 هـ – مرفق مع السؤال وثيقة البيع الدالة عليه، والمؤرخة بهذا التاريخ – وبقية الأرض على ملكهم، وملك من ورثهم، ويتصرفون فيها تصرف المالك؛ بالبيع والشراء والسكن، وسائر التصرفات إلى يوم الناس هذا، لا يعرفون لهم منازعاً فيها، حتى تفاجأنا في هذه الأيام بخروج وثيقة حبسية على يد لجنة أوقاف السبعة، تدل على حبسية الأرض المشتراة، وبعد الاطلاع على هذه الوثيقة تبين أنها مؤرخة بتاريخ يعقب تاريخ البيع بثمانٍ وثلاثين سنة، وهو 1354هـ، إضافة إلى أن بها تغيُّراً في الخط يشكك فيها. فما صحة الوثيقة الحبسية؟ وهل البيع السابق لها نافذ شرعاً؟.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإذا ثبت أن وثيقة البيع سابقة على وثيقة الحبسية – كما هو الظاهر – قدّمت وثيقة البيع على وثيقة الحبسية؛ لأن أقدم البينتين مقدمة عند التعارض، وتساوي البينتين في العدالة، قال الدردير في معرض ذكره لتعارض البينات: “وذو البينة المؤرخة يقدم على ما لم تؤرخ، فإن أرِّخا معا قدم صاحب الأقدم تأريخا” [الشرح الصغير:168/4]، فالوثيقة الحبسية لا يعمل بها؛ لأن المحبس حبس أرضاً لا يملكها زمن التحبيس، انتقلت لغيره بالبيع، إلا أن يثبت رجوع المشترين في البيع، أو يثبت بطلانه بمبطل لا يؤثر طول المدة فيه؛ فيعمل بها حينئذٍ، والتأكد من صحة الوثائق وعدم التزوير فيها من اختصاص القضاء؛ فهو الفيصل، وإليه المرجع، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
18/ربيع الآخر/1434هـ
2013/2/28