طلب فتوى
2015البيانات

بيان دار الإفتاء رقم (6) (دعوة إلى حفظ الأمن والتخلص من المنكرات)

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان دار الإفتاء رقم (6)

(دعوة إلى حفظ الأمن والتخلص من المنكرات)

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

   فلا يَخفى ما تمر به البلدُ من معاناة، وانقسامٍ داخليّ، وضغوطٍ خارجية، وشدةٍ في الحياة اليومية للمواطنِ، مع تزايدِ الشكاوَى مِن الانفلاتِ الأمني، وازديادِ معدلِ السطو والإجرامِ، وبالأخصّ في مدينتَي سبها وطرابلس؛ لإغراقهما فيما غرقت فيه مدينة بنغازي.

   ولمّا كان مِن تداعياتِ المعاصِي على المسلمِ؛ نزولُ البلاءِ، وشدةُ الابتلاءِ، كما قال عمرُ رضي الله عنه عام القحطِ: “إنه لمْ ينزلْ بلاءٌ إلّا بذنبٍ، ولمْ يُكشفْ إلّا بتوبةٍ”، ولا عجب فقد قال الله تعالى في كتابه : (ومَن أَعرَضَ عنْ ذِكرِي فإنّ لهُ معيشةً ضَنْكًا).

 

عليه؛ فإنّ دارَ الإفتاءِ تُذكرُ كافةَ المواطِنين – وبخاصةٍ من يحملون السلاح في أنحاءِ المدنِ الليبية – تذكرُهم جميعًا فِي هذا الشهرِ المباركِ، وفي العشرِ الأواخرِ منه، بالرجوعِ إلى الله، والتوبةِ، وتركِ المنكراتِ.

– التوبة مِن الاعتداءِ على الحرماتِ، ومِن أعمالِ الحرابةِ والقتلِ والخطفِ، والسطوِ المسلحِ؛ فذلك مِن الفسادِ في الأرض، والله تعالى يقول: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، وقد بيّنَ النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّ المؤمنَ لا يزالُ في فسحةٍ مِن دينِهِ ما لَم يُصبْ دمًا حرامًا.

– التوبةُ مِن التعدّي على الأموالِ العامّة، بما في ذلكَ الاستيلاءُ على موانئِ النفطِ وحقولِه (قوت الناس) وتعطيلُها، والتعدّي على المالِ العام بالسرقةِ، والتهريبِ، والعقودِ الوهميةِ، والاعتمادات المزورة، والتحايُل عليها بالرشاوى والسّحت، فإنّ استباحة المال العام مِن الغلول، الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (هو عارٌ ونارٌ وشنارٌ)، واللهُ تعالى يقول: (وَمَن يَغللْ يَأتِ بِما غَلّ يومَ القِيامَةِ)، والسحتُ مصيره النار؛ قال النبيّ صَلى الله عليه وسلم: (كلُّ لحمٍ نَبَتَ مِن سُحتٍ فالنّارُ أَولَى بهِ)، وقال: (إنّ أُناسًا يَتَخَوّضُونَ في مالِ اللهِ بغيرِ حقٍّ فلهمُ النارُ).

– التوبةُ مِن تناولِ المخدّراتِ والخُمورِ، والتجارةِ فيها، ومِن التهريبِ بكلّ أنواعِه.

– التوبةُ مِن أوكارِ الخبائِثِ والقاذوراتِ، ومَواخيرِ الزنا والفواحِش والانحرافِ، فإنّ الله تعالَى يقول: (ومَن يفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضاعَفْ لهُ العذابُ يومَ القيامَةِ ويَخلُدْ فيهِ مُهَانًا)، ويقولُ النبيّ صلى الله عليه وسلم عن شاربِ المُسكرِ كمَا في صحيحِ مسلمٍ: (إِنّ اللهَ عزّ وجلّ عَهدَ لمنْ يَشربُ المسكرَ أن يسقِيهُ مِن طِينَةِ الخَبالِ، قالوا: يا رسولَ الله؛ وما طِينةُ الخَبالِ؟ قال: عَرَقُ أهلِ النارِ، أو عُصارَةُ أهلِ النّارِ).

   وإن دارَ الإفتاءِ لتدعُو كلّ القائمينَ على الأجهزةِ الأمنيةِ في الدولةِ، بما في ذلكَ لجنة الأمنِ بالمؤتمرِ الوطنيّ العام، ووزارَة الداخليةِ، والأجهزة التابعة لها، ومكتب النائبِ العام، وقياداتُ الكتائبِ المكلفة مِن الحكومةِ بحفظِ الأمنِ؛ تدعوهُم جميعًا أن يتعاونوا على دفعِ هذا الوباءِ عن الوطن، وأن يقُومُوا بخطواتٍ جادّةٍ حقيقيةٍ؛ لفرضِ الأمنِ، ومداهمةِ أوكارِ المجرمينَ، وتطهيرِ المدنِ مِن رجْسِهم وخبثِهم، وتأمينِ الطرقاتِ، وحراستِها من المجرمينَ وقُطاعِ الطرق، قبل فوات الأوان حتّى لا تنزلقَ البلدُ إلى فوضَى أمنيةٍ لا تُحمدُ عُقباها.

   وتذكّرُ القائمينَ على الأمنِ أنّ العملَ على حمايةِ الطرقاتِ وحراستِها، وتأمينِ حياةِ الناسِ، مِن أعظمِ القرباتِ والطّاعاتِ، قال صلى الله عليه وسلم: (عَينانِ لا تَمسّهما النارُ; عينٌ بكتْ مِن خشيةِ الله، وعينٌ باتَتْ تحرُسُ في سبيلِ اللهِ)، وقال صلى الله عليه وسلم: (أَلَا فكُلكُم راعٍ وكُلكُم مسؤولٌ).

 نسأل الله العظيم أن يحفظَ بلادَنا وبلادَ المسلمين، وأنْ يجمَعَ كلمتَنا علَى الحقّ والدين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

                                                                                مفتــي عــام ليبيــا

الخميس 22 رمضان 1436 هـ

الموافق 9 يوليو 2015 م

{gallery}Bynat/2015/Bayan6{/gallery}

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق