بسم الله الرحمن الرحيم
(بيان مجلس الفتوى والبحوث بدار الإفتاء بشأن مسودة الحوار الخامسة)
لقد توجهت بعض مؤسسات المجتمع المدني بتساؤلات؛ لمعرفة الحكم الشرعي حول ما اشتملت عليه بعض فقرات مسودة الحوار، الدائر في الصخيرات، نصها كالتالي:
– هل يجوز التوقيع على اتفاق يرتهن سيادة الدولة الليبية للأجنبي من خلال حكومة مدعومة دولياً؟
– هل يجوز التوقيع على اتفاق يبطل حكم القضاء ولا يعتد به؟
– هل يجوز التوقيع على اتفاق يمكن للمجرمين والقتلة من تولي الوظائف العامة؟
– هل يجوز أن يكون غير المسلم حكماً بين المسلمين فيما اختلفوا فيه؟
– هل يجوز التحاكم إلى الاتفاقيات والمواثيق الدولية بحيث تصبح هذه المواثيق والاتفاقيات فوق دستورية؟
والجواب: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد؛
فقد نظر أعضاء مجلس البحوث التابع لدار الإفتاء في التساؤلات آنفة الذكر، وقرروا ما يلي:
أولاً/ إن ارتهان سيادة الدولة المسلمة للأجنبي غير جائز شرعا؛ لما فيه من تسليط الكفار على المسلمين، وقد قال الله سبحانه:﴿ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً﴾[النساء:141]، ولما فيه كذلك من التفريط في سيادة الوطن.
ثانياً/ لا يجوز شرعًا التوقيع على اتفاق يبطل أحكام القضاء؛ لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف، ولا يجوز نقضه -بإجماع الأمة- ما لم يخالف النص أو الإجماع.
ثالثاً/ يحرم تمكين المجرمين والقتلة من تولي الوظائف العامة، لقول الله تعالى: ﴿لا ينال عهدي الظالمين﴾ [البقرة:123]، والشأن فيمن ثبت عنه ذلك أن يقدم للقضاء والمحاكمة العادلة للقصاص منه.
رابعاً/ أما فيما يتعلق بالوساطات بين المسلمين، فالأصل أن يتوسط المسلم في فض التنازع الواقع بين المسلمين، لكن إذا قام بذلك غير مسلم ولم يَلزم من تدخله مخالفة للشرع لم يكن ممنوعاً.
وليس ما يحصل اليوم في الصخيرات من الاحتكام إلى غير المسلم، بل هو من مساعدة غير المسلم للمسلمين في فض نزاعاتهم التي لم يستطيعوا -للأسف- حلها وحدهم.
خامساً/ ليس هناك ما يمنع من التقيد بالمواثيق والاتفاقيات الدولية -ولو جعلت مبادئ فوق دستورية – شريطة عدم مخالفتها لأحكام شريعتنا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “المسلمون عند شروطهم إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا”، وذلك كما يتقيد المسلم بالاتفاقيات الدولية الخاصة بالسفر والتنقل وركوب الطائرات ونحوها، فليست كل الاتفاقيات الدولية ممنوعة.
سادساً/ من يوقع على اتفاقية فيها شيء مما ذكر أنه لا يجوز شرعًا فهو آثم.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
صدر عن مجلس البحوث والدراسات الشرعية بدار الإفتاء
بتاريخ 13 رمضان 1436هـ
الموافق 30يونيو 2015م
{gallery}Bynat/2015/Draft5{/gallery}