طلب فتوى
2016البيانات

(بيان من دار الإفتاء عن جرائم الاختطاف البشعة)

بسم الله الرحمن الرحيم

(بيان من دار الإفتاء عن جرائم الاختطاف البشعة)

الحمد لله, والصلاةُ والسلام على رسولِ الله, وعلى آله وصحبه ومَن والاه، وبعد:

فإنَّ دارَ الإفتاء تتابعُ ما يعتصرُ قلوبَ الآباءِ والأمهاتِ، مِن ألمٍ وأسًى وحزنٍ, بسببِ تردِّي الأوضاعِ الأمنية مؤخرًا, حيثُ تنامتْ جريمةُ الحرابةِ، وقطع الطريقِ باختطافِ الأبرياءِ، وبخاصةٍ مِن الأطفالِ والطلبةِ الصغار؛ لابتزازِ ذويهم وأهلهِم، بدفعِ الفديةِ والإتاوات.

جرائمُ بشعةٌ تُرتكب، يقومُ بها لصوصٌ لا خلاقَ لهم، ولا ضميرَ, اتّبعوا طريقَ الشيطانِ، وتجرَّدوا مِن كلّ معاني الإنسانيةِ والدينِ.

مِن هذه الجرائمِ المروعة، وما أكثرَها؛ ما أفزعَ مسامعَ أهلِ العاصمةِ، مِن اختطافِ عصابةٍ مجرمةٍ يومَ أمس لطفلةٍ صغيرةٍ، أدّى اختطافُها إلى وفاتِها، عندما حاولت الهرب. وقبلَها الأسبوع الماضي، ما أُبلِغتْ بهِ دار الإفتاءِ على صفحتِها؛ مِن اختطافِ طفلين من طلبة القرآن، أمامَ مسجدِ الحسن والحسينِ بمنطقة الجبس، وطلبتِ العصابةُ مِن ذويهم الفدية، وإلا قطعت أطرافَهم.

 

وغير هؤلاء كَثِير، ممّن لا يزالون مغيبينَ عن أهليهم منذُ أشهر, نسأل الله أن يردهم لذويهم سالمين.

وعليه؛ فإنّ دار الإفتاء تشدّد على الجهات ذوات الاختصاص – ضبطية كانت أو تنفيذية – ممّن ولّاهم الله مسؤولية الحفاظ على الأمن؛ أنْ يتحملوا مسؤوليتَهم في ردعِ هؤلاءِ المجرمين.

وتُذكّر دارُ الإفتاء بما طلبته مِن المسؤولينَ مرارًا وتكرارًا، سرًّا وجهارًا، وعلى الملأِ في كلمة المفتي، في الاحتفال العام الذي أقامَه المؤتمرُ الوطني العام في (ركسوس)، منذ أكثر مِن شهرين، طالبَ فيه المفتي وشدّدَ؛ على تشكيلِ دوائر قضائيةٍ مستعجلةٍ، خاصّةٍ بالحرابةِ وقطّاعِ الطرقِ، تحكمُ بحكمِ الله في هؤلاء المجرمين، قال تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، وقال تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
وكرّرت دارُ الإفتاء هذا الطلبَ، قبل هذه المناسبةِ وبعدَها، مرارًا، وذلكَ لإدراكِها خطورةَ التهاونِ في هذا الشأنِ، وما يرادُ بالبلدِ من هذه العصاباتِ ومَن وراءَها؛ مِن فسادٍ، ورجوعٍ بها إلى عهدِ القمع والاستبداد.

ولكن للأسفِ؛ قوبلَ طلب دار الإفتاءِ من الجهات المسؤولةِ على القضاءِ والجهات التنفيذيةِ بكل فتور، بل بمعارضة مِن وزيرِ العدل في جلسةِ المؤتمر الوطني العام، عندما طُلب منه ذلك، وتعلَّلَ بأن المحاكم الخاصةَ لا تتوفرُ فيها المعايير المطلوبةُ للعدالةِ، أو شيء مِن هذا المعنى، وقلنا حينها إنّ هذه محاكمُ مستعجلةٌ، وخصوصيتُها لا تتجاوزُ أنّها مختصةٌ بالنظرِ في موضوعٍ واحدٍ، كالدوائرِ الخاصةِ بالنظر في الجنحِ، أو قضايا المرورِ، ونحو ذلك.

فعلى مَن كان يملك هذا الأمرَ، وتهاونَ في تشكيله وتنفيذه؛ أن يتحملَ تبعاتِ هذه المآسي المؤلمة، للأطفالِ والدماء البريئةِ؛ قال صلى الله عليه وسلم: (ألَا فكُلكُم راعٍ وكلّكم مسئُول).

فإنه لو تم تشكيلُ هذه الدوائر القضائيةِ، ونفذَ حكمُ الله في حالةٍ أو حالتين؛ لرأينا العجبَ العجابَ، فيما يعودُ علينا مِن أمنٍ وطمأنينةٍ؛ (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ).

وإلى أن يتم ذلك؛ فإنه يتعيَّن على الخيرين مِن الناس، ووجهائِهم، والمسؤولين مِن عمداءِ البلديات، ورؤساءِ مجالس الشورى والأعيان وأعضائها، وأئمة وخطباء المساجد، وغيرهم، أن يتعاونوا في الحفاظ على دماء الناسِ وأعراضِهم، وتأمين حياتهم، وزجر المجرمين عن ارتكاب الجرائم، فإنّ التصدي لهم واجبٌ؛ قال الله تعالى: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ).

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

دار الإفتاء الليبية

27 رجب 1437هـ

5/ 5/ 2016م

{gallery}Bynat/2016/Ektitaf{/gallery} 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق