طلب فتوى
مؤلفات وأبحاث

(تعقيبات على مقال لفضيلة المفتي) عبدالله الإدريسي

تعقيب السيد عبد الله الإدريسي على مقال لفضيلة المفتي بعنوان (الانضمام إلى الأمم المتحدة )، والمنشور على موقع دار الإفتاء وموقع التناصح على الرابطين الآتيين :

https://ifta.ly/web/index.php/2013-04-23-10-53-45/3162-joinun

http://tanasuh.com/online/leadingarticle.php?id=6122

وننوه إلى أن الكلام الذي كتبه السيد المذكور ننقله هنا بكامله كمرجع فقط، ولا يمثل بأي حال من الأحوال رأي دار الإفتاء الليبية أو فضيلة المفتي الشيخ الصادق الغرياني أو اي من علماء الدار  الأجلاء، ويليه تعقيب الشيخ الصادق الغرياني عليه:

  نص كلام عبد الله الإدريسي:

تعقيبات على فضيلة المفتي

عبد الله الإدريسي

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
إننا نعيش في هذا العصر الذي بعدت فيه أنوار الرسالة ، وخبت جذوة الإقتداء بالخلفاء المهديين ومن تبعهم من أئمة الدين وتعاظم شرر البدع وتطاير حتى خفت السنة على كثير من الصالحين ؛ بل ومن يظن فيهم الخير من أهل العلم والدين ، خصوصا فيما يتعلق بمسائل الكفر والإيمان الذي عظمت الفتنة بأهل البدع المخالفين لأهل السنة بها ، واغتر كثيرون هذه الظلمات إلا من رحم الله وهداه للبصيرة والحق .
ومن الفتنة التي ابتلينا بها نشوء نابتة سوء أحيت من اندرس من عقائد الخوارج السابقين ، فعاثوا تكفيرا ومن ثم قتلا في الموحدين بشبه واهية ، و عقائد زائغة كسراب بقيعة ، فحدا هذا بالصنف المقابل أن سلك السبيل المضاد لهؤلاء لتجفيف منابعهم ، وقطع دابرهم فوقع من حيث لا يشعر في الإرجاء ، وحاد عن الطريق السواء .
وللأسف أحدث هؤلاء ضوابطا وشروطا للتكفير لا يقوم عليها دليل ولم يسبقهم إليها عالم معتبر من أهل السنة، كاشتراط قصد الكفر لتكفير من جاء بالكفر مختارا، والامتناع من تكفير الأعيان والاقتصار على تجريم الفعل والتكفير العام دون الفاعل فقابلوا الإفراط بالتفريط ، وأصدق ما يقال في هؤلاء ما جاء عن ابن تيمية رحمه الله حيث قال :

( وكثير من المتأخرين لا يميزون بين مذاهب السلف وأقوال المرجئة والجهمية: لاختلاط هذا بهذا في كلام كثير منهم ممن هو في باطنه يرى رأي الجهمية والمرجئة في الإيمان ، وهو معظِّم للسلف وأهل الحديث ، فيظن أنه يجمع بينهما ، أو يجمع بين كلام أمثاله وكلام السلف ) مجموع الفتاوى ( 7/364 ).

وما فتنة الإرجاء – خصوصا ممن لهم مواقف صدق وحق سابقا – بأقل فتنة من غلاة التكفير ، قال إبراهيم النخعي رحمه الله (ت 96): (لفتنة المرجئة أخوف على هذه الأمة من فتنة الأزارقة) رواه عبد الله بن أحمد1/313 والخلال3/562 والآجري 3/678 واللالكائي5/1061 وابن بطة 1/378. والأزارقة فرقة من غلاة الخوارج، نسبة لنافع بن الأزرق.
وعن معقل بن عبيد الله العبسي قال: قلت لنافع مولى ابن عمر رحمه الله (ت 117): إنهم يقولون نحن نقر بالصلاة فريضة ولا نصلي وإن الخمر حرام ونحن نشربها وأن نكاح الأمهات حرام ونحن نفعل، قال فنتر يده من يدي ثم قال من فعل هذا فهو كافر رواه عبد الله بن أحمد 1/382 واللالكائي 5/1024 وابن بطة 1/340 .
وعن الأوزاعي قال: كان يحيى وقتادة يقولان: (ليس من الأهواء شيء أخوف عندهم على الأمة من الإرجاء) رواه عبد الله بن أحمد1/318 – 345 والآجري 3/682 واللالكائي5/ 1064 وابن بطة 1/376.
عن الأوزاعي عن الزهري قال: (ما ابتُدعت في الإسلام بدعة أضر على أهله من هذه-أي الإرجاء-) رواه أبو عبيد34 والآجري 3/676 وابن بطة 1/376 .
ومن أخطر ما يوقع الكثير من أهل الخير في هذه المتاهات قربهم من الحكام وأصحاب القرار ، فتبدأ خطوات الشيطان ، ويتم التزيين على أنه لإصلاح هؤلاء ونصحهم ، فتتابع الفتنة على الرجل حتى يقع في الشراك ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ” من بدا جفا ومن اتبع الصيد غفل ومن أتى السلطان افتتن ” رواه أبو داود والترمذي والنسائي وقال الترمذي حديث حسن ، وقد ذكرت الأهواء عند رقبة بن مصقلة, فقال: أما الرافضة فإنهم اتخذوا البهتان حجة ، وأما المرجئة فعلى دين الملوك وأما الزيدية فأحسب أن الذي وضع لهم رأيهم امرأة ، وأما المعتزلة فوالله ما خرجت إلى ضيعتي فظننت أني أرجع إلا وهم قد رجعوا عن رأيهم.الشرح والإبانة لابن بطة .
وقد روى ابن عساكر من طريق النضر بن شميل رحمه الله (204هـ) قال : ” دخلت على المأمون .فقال : كيف أصبحت يا نضر ؟ ، فقلت : بخير يا أمير المؤمنين .فقال : ما الإرجاء ؟
فقلت : دين يوافق الملوك ، يصيبون به من دنياهم ، وينقصون به من دينهم !!قال : صدقت . ” البداية والنهاية (10/276).
وقد بالغ أئمة الدين في التحذير من هذه البدعة والوقوع فيها ، فهذا إمام المذهب مالك بن أنس يبالغ في ذلك ، فعن معن بن عيسى أن رجلا بالمدينة يقال له أبو الجورية يرى الإرجاء فقال مالك بن أنس: (لا تناكحوه) رواه اللالكائي 5/1067.

وهذا الكلمات في الرد على مقال لمفتي ليبيا الشيخ الصادق الغرياني وفقه الله وهداه بعنوان الإنضمام للأمم المتحدة، نتلمس فيه الإنقياد للحق إذا ظهر له –نحسبه والله حسيبه- ، و له مواقف سالفة مشكورة ، وأيادي سابقة مبرورة ، والنصيحة قد أمرنا ببذلها لأئمة المسلمين وعامتهم ، و لا يمنع صغر القائل من قبول نصيحته مادامت وافقت الصواب ، فالمعيار صدق المقال لا حال من خط الكتاب ، والله نسأل أن يصلح حالنا يوم المئاب .

وهذه مقدمات بين يدي الموضوع تكون كالعلم ، قبل أن ندلف في الكلام عن الإنضمام لهيئة الأمم ، وهي معينة على ضبط المسائل وتقعيدها ، وشافية بإذن الله من السقم :
1-
أن من فعل ما حكم الشرع بأنه كفر أكبر كفر صاحبه بدون ربط ذلك باعتقاد ، وإنما يذكر الاستحلال والتكذيب كشرط للتكفير في المعاصي والكبائر ، فمن ناصر الكفار على المسلمين مثلا كفر وإن لم يعتقد بقلبه بغض الإسلام أو حب الكفر ؛ لأن الأخيرين كفر مخرج من الملة ولو لم يناصر صاحبهما ، فمناط التكفير فعل المناصرة دون النظر لاعتقاد القلب ، كما أن من وطئ مصحفا كفر ولو عظم الله بقلبه ، ومثله من سب الجلالة عياذا بالله من الكفر وأهله .
قال ابن حزم: ” والكفر ……وهو في الدين : صفة من جحد شيئا مما افترض الله تعالى الإيمان به بعد قيام الحجة عليه ببلوغ الحق إليه بقلبه دون لسانه أو بلسانه دون قلبه أو بهما معا أو عمل جاء النص بأنه مخرج له بذلك عن اسم الإيمان على ما بيّنا في غير هذا الكتاب ” الإحكام في أصول الأحكام (1/49) .
والعطف يقتضي المغايرة ، فجعل الجحود قسم ، والفعل قسما آخر .
ونقل ابن تيمية عن أبي الحسن الأشعري قال : ” (الفرقة العاشرة ) : من المرجئة أصحاب أبي معاذ التومني …وكان أبو معاذ يقول : من قتل نبياً أو لطمه كفر وليس من أجل اللّطمة كفر ولكن من أجل الاستخفاف والعداوة والبغض له” مجموع الفتاوى (7/547).
وقال ابن تيمية في معرض رده على من قال بهذا القول : ”
والكافر قد يعلم وجود ذلك الضرر لكنه يحمله حب العاجلة على الكفر . يبين ذلك قوله : { من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم } { ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين } { أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون } { لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون } فقد ذكر تعالى من كفر بالله من بعد إيمانه وذكر وعيده في الآخرة ثم قال { ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة } . وبين تعالى أن الوعيد استحقوه بهذا . ومعلوم أن باب التصديق والتكذيب والعلم والجهل ليس هو من باب الحب والبغض وهؤلاء يقولون إنما استحقوا الوعيد لزوال التصديق والإيمان من قلوبهم وإن كان ذلك قد يكون سببه حب الدنيا على الآخرة والله سبحانه وتعالى جعل استحباب الدنيا على الآخرة هو الأصل الموجب للخسران واستحباب الدنيا على الآخرة قد يكون مع العلم والتصديق بأن الكفر يضر في الآخرة وبأنه ما له في الآخرة من خلاق . و ” أيضا ” فإنه سبحانه استثنى المكره من الكفار ولو كان الكفر لا يكون إلا بتكذيب القلب وجهله لم يستثن منه المكره ؛ لأن الإكراه على ذلك ممتنع فعلم أن التكلم بالكفر كفر لا في حال الإكراه . وقوله تعالى { ولكن من شرح بالكفر صدرا } أي : لاستحبابه الدنيا على الآخرة ” مجموع الفتاوى (7/559-560) .
2- أن التحاكم لما يخالف الشرع ولو كانت المخالفة في جزئية واحدة كفر مخرج من الملة ، قال الإمام ابن جرير الطبري : ” القول في تأويل قوله : { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } يعني جل ثناؤه بقوله:”فلا” فليس الأمر كما يزعمون: أنهم يؤمنون بما أنزل إليك، وهم يتحاكمون إلى الطاغوت، ويصدّون عنك إذا دعوا إليك يا محمد واستأنف القسم جل ذكره فقال:”وربك”، يا محمد “لا يؤمنون”، أي: لا يصدقون بي وبك وبما أنزل إليك ” تفسير الطبري (8/518) .
فليس وراء نفي التصديق إلا الكفر ، وهذا حتى عند المرجئة ،
قال الإمام ابن كثير الدمشقي : ” فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الانبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه ، من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين ” البداية والنهاية (13/119) .
ويقول العلامة محمد الأمين الشنقيطي : ” … وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا يظهر غاية الظهور أن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه مخالفة لما شرعه الله جل وعلا على ألسنة رسله صلى الله عليهم وسلم، أنه لا يشك في كفرهم وشركهم إلا من طمس الله بصيرته، وأعماه عن نور الوحي مثلهم” المرجع السابق (3/259) .
ويقول المحدث أبو الأشبال أحمد شاكر: ” إن الأمر في هذه القوانين الوضعية هي كفر بواح، لا خفاء فيه ولا مداورة، ولا عذر لأحد ممن ينتسب للإسلام – كائناً من كان – في العمل بها أو الخضوع لها أو إقرارها، فليحذر امرؤ لنفسه، وكل امرئ حسيب نفسه “ عمدة التفسير (4/174) .
ومما يدل على كفر من تحاكم للطاغوت ولو في جزئية واحدة قوله تعالى : {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} ، وأصرح منه قوله تعالى : {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} ، فحكم عليهم بالشرك في مخالفة واحدة وهي الأكل من الميتة ، ومن المعلوم أن أكل الميتة معصية وليست كفر ، فحكم بشركهم هنا لمكان الطاعة في تحليل ما حرم الله ، وهي مسئلة واحدة .
و كما قال الله للمستهزئين الذين استهزؤوا بالدين في غزوة تبوك: {ولئن سألتهم ليقولُنَّ إنَّما كُنَّا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}، فجعل الله قولَهم استهزاءً به وبآياته وبرسوله، وإنَّما كان قولهم: ما رأينا مثل قرَّائنا هؤلاء أرغب بطونًا ولا أكذب ألسنًا ولا أجبن عند اللقاء كما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما ، فجعل الله ذلك استهزاءً بالجميع، وقال تعالى عن قوم نوحٍ: {وقوم نوحٍ لمَّا كذَّبوا الرسل أغرقناهم}، وقال: {كذَّبت قوم نوحٍ المرسلين}، مع أنَّ قوم نوحٍ لم يُبعث إليهم إلاَّ رسولٌ واحدٌ، لكنَّ التكذيب ببعض الرسل كالتكذيب بجميعهم،ولم يكن ما آمنوا به من الرسل مانعا من إنزال حكم التكذيب وهو الكفر عليهم ، وقد قال تعالى: {إنَّ الَّذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يُفرِّقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعضٍ ويريدون أن يتّخذوا بين ذلك سبيلاً * أولئك هم الكافرون حقًّا وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا * والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرِّقوا بين أحد منهم أولئك سوف يُؤتيهم أجورهم وكان الله غفورًا رحيمًا}.

3-
الأصل أن من فعل المكفر حكم بكفره حتى يتبين المانع من إنزال الحكم عليه كالتأويل والإكراه …. ، فقيام الوصف بالمكلف يوجب اشتقاق الاسم له منه إلا إذا وجد المانع ، ولذا قال في المراقي بأنه عند فقد الوصف لا يشتق اسم للموصوف منه ، ومفهوم مخالفته أنه إذا وجد الوصف اشتق له منه اسم ، قال رحمه الله :

وعند فقد الوصف لا يشتق ….. وأعوز المعتزلي الحق

وهذا واضح في مواقف كثيرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كقصة حاطب حيث أنزل عليه الفاروق الحكم كما سيأتي بإذن الله ، فلم ينكر عليه الإنزل وإنما بين له المانع من الحكم .
على أنه لو كان هناك مانع من إنزال الحكم وأخطأ المنزل للحكم فلا يوصف بالغلو والخارجية ، قال ابن القيم رحمه الله ، في زاد المعاد ( فصل في الإشارة إلى ما في فتح مكة من الفقه ) : وفيها أن الرجل إذا نسب المسلم إلى النفاق والكفر متأولاً وغضباً لله ورسوله ودينه لا لهواه وحظه ، فإنه لا يكفر بذلك ، بل لا يأثم به ، بل يثاب على نيته وقصده ، وهذا بخلاف أهل الأهواء والبدع ، فإنهم يُكفرون ويبدعون لمخالفة أهوائهم وبدعهم ونحلهم ، وهم أولى بذلك ممن كفروه وبدعوه ( 3/423 ).
وقال الحافظ في الفتح في كتاب الصلاة ( 1/523 ) في فوائد الحديث الذي فيه قول القائل عن مالك بن الدخشن إنه منافق يجادل عن المنافقين : ” وإن من نسب من يظهر الإسلام إلى النفاق ونحوه بقرينة تقوم عنده ، لا يكفر بذلك ولا يفسق بل يعذر بالتأويل” .اهـ.
هذا في المخطأ بعد وجود القرينة ، فكيف بالمحق الذي ينصره الدليل ويدعمه ، وأصبحت تهمة الغلو والخارجية الآن علكة تمضغها كل الألسنة إلا من رحم الله .
4- أن من فعل الشيء المكفر كفر ولو لم يعلم أنه مكفر ما دام يعلم بحرمته ، كما أن من ارتكب حدا أقيم عليه ولو قال أنا لا أعلم أن فيه حدا مادام عليه بأنه أتى محرما ، وقال ابن تيمية رحمه الله : ” وهؤلاء الصنف الذين كفروا بعد إسلامهم غير الذين كفروا بعد إيمانهم فإن هؤلاء حلفوا بالله ما قالوا وقد قالوا كلمة الكفر التي كفروا بها بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وهو يدل على أنهم سعوا في ذلك فلم يصلوا إلى مقصودهم ؛ فإنه لم يقل : هموا بما لم يفعلوا لكن { بما لم ينالوا } فصدر منهم قول وفعل قال تعالى : { ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب } فاعترفوا واعتذروا ؛ ولهذا قيل : { لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين } فدل على أنهم لم يكونوا عند أنفسهم قد أتوا كفرا بل ظنوا أن ذلك ليس بكفر فبين أن الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر يكفر به صاحبه بعد إيمانه فدل على أنه كان عندهم إيمان ضعيف ففعلوا هذا المحرم الذي عرفوا أنه محرم ولكن لم يظنوه كفرا وكان كفرا كفروا به فإنهم لم يعتقدوا جوازه وهكذا قال غير واحد من السلف…” مجموع الفتاوى (7/273) .
5- العبرة في العقود بالحقيقة لا بظن فاعلها أو مراده ، وما يذكر في الاتفاقات والبيانات من الألفاظ فيحمل على معناه المتعارف بين الناس أو الدول ، أما أن يعقد الإنسان عقدا بألفاظ أو أوضاع معلومة عند الناس ، وبمجرد ذكرها ينصرف الذهن لذلك المعنى ، ثم يفسرها العاقد بمعان من عنده مخالفة لما سبق فهذا ضرب من السفه ، وإنما هو كالنعامة تدفن رأسها هربا من الصياد ، و الواقع أنه ليس القوة والسلطان لنا حتى نقول كقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها : ” اشترطي لهم الولاء ” ، فنحن الحلقة الأضعف دائما في الصراعات الدولية .

وبعد ذكر ما تقدم أبدأ في الكلام على صلب المقال ، وللأمانة فهو نقول من كتب أهل العلم اختصرت فيها وتصرفت وإنما أن جامع لا مؤلف، فأقول مستعينا بالله :
هيئة الأمم المتحدة منظمة عالمية خاضعة للنفوذ اليهودي ومن يراجع أقسامها وإداراتها وأسماء القائمين عليها يعرف هذا معرفة اليقين ، فهي التي أشرفت على تقسيم فلسطين عام 1947م. وهي هي المنظمة الدولية التي تحفظ وترعى مصالح الدول الكبرى بحق (الفيتو) الذي منحته وقررته لها ، وأما قول الشيخ : ” هيئةُ الأممِ المتحدة منظمةٌ عالميّةٌ، منضَمّةٌ إليها دولٌ مسلمةٌ، وأخرى غيرُ مسلمةٍ” فهذا لا يزيد ولا ينقص ، فلو سلمت جدلا بإسلام الحكومات المدعية للإسلام المنضمة للهيئة –وأنا أقول بكفرها لا بكفر الشعوب التي تحكمها – فهي مغلوبة على أمرها ولا تملك إلا السمع والطاعة ، ودندنة الشيخ حول ذلك لا تنفعه ، وهذا يذكرني بموقف لأحد الإخوة مع شيخ من مشايخ دار الإفتاء عندما طلبوا من الأمم المتحدة المناصرة على الطاغوت حفتر ، فقال الأخ لهذا الشيخ : أنتم تعتقدون أن حفتر مسلم باغي!!! ، فكيف تستعينون بكافر على مسلم ولو كان باغيا ، فأجاب الشيخ إجابة أقبح من الفعل نفسه حيث قال : ” المجتمع الدولي متألف من كفار ومسلمين ، ونحن نطلب الإستعانة بالمسلمين منهم !! ” ، وهذا الشيخ يعلم أن تلك الحكومات إنما هي أذناب لمالكي الفيتو و إن حاول أحدهم الخروج عن سكة القطار المرسومة له لكان جزاءه النفي والطرد ،وهو ما أردف به الشيخ الصادق حيث قال : ” ومعلومٌ أنّه تتحكمُ فيها دولٌ كُبرى، غيرُ مسلمة ” ، فما فائدة التقسيم المتقدم إذا ، ولكن لا أقول إلاّ إلى الله المشتكى ، وأسأل الله لنا ولهم الهداية .

قال الشيخ : هذا الميثاقُ المكتوبُ للمنظمةِ، ينصُّ على أنّ لها كثيرًا مِن الأهدافِ، والمهامّ النافعةِ المفيدة “ ، هذا من الهروب عن محل البحث ، فلا ينازع أحد أن مواثيق أمم الكفر يوجد بها أشياء خيرة يمكن الإستفادة منها ، وإنما الكلام على ما فيها من كفر ومخالفة لشرع الملك سبحانه ، وقد تقدم في المقدمة الثانية أن التحاكم ولو لجزئية واحدة مخالفة لشرع الله كفر أكبر مخرج من الملة .

قال الشيخ في معرض ذكره للمهام النافعة : المحافظةُ على حقوقِ الإنسان، لكنْ يجدرُ التنبيهُ على أنّ مِن هذهِ الحقوقِ مَا هو حقوقٌ حقيقيةٌ، ومنها ما هو انحرافٌ وتشويهٌ لحقوق الإنسان “ ، وهذا من التناقض فهذه الانحرافات والتشويهات من المخالفات والنظم المكتوبة لا الممارسات فقط ، فكيف يتسق هذا مع قول الشيخ : ” والذي يهمّنَا – حينَ نتكلمُ عن حكمِ الانضمامِ إليها – هوَ الميثاقُ والنّظمُ المكتوبةُ، التي تحكُمُها، لا مُمارساتُها التي تكيلُ بمكيالينِ ” ، و حاول الشيخ تلطيف العبارة بقوله انحرافات وتشويهات ، والحق أنها كفر مصادم لشرع الله كمثل (المادة 55) من ميثاق الأمم المتحدة : ” فإنه رغبة في تهيئة سبل الاستقرار والرفاهية اللازمة لقيام علاقات سلمية ودية بين الأمم، علاقات تقوم على احترام المبدأ الذي يقر بحقوق الشعوب على السواء، وبحقها في تقرير مصيرها تعمل الأمم المتحدة على … أن تنشر في العالم أجمع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس كافة بلا تمييز حسب الجنس أو اللغة أو الدين وبلا تفرقة بين الرجال والنساء …” ، وقد قال تعالى { أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون } ، فلو قتل مسلما حربيا لا عهد له ولا أمان ولا ذمة ، ثم اشتكت الدولة التي منها الحربي للأمم المتحدة ، فبماذا ستحكم محكمة العدل! الدولية حينها ، ومن المعلوم أن التحاكم لهذه المحكمة ملزم لأعضاء الهيئة لا محض اختيار ، فهذه المحكمة هي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة ، وتقوم باختصاصاتها وفقاً لنظام أساسي يعتبر جزءاً من ميثاق الأمم المتحدة الذي تؤمن وتسلّم به وتحترمه وتقرّه كلّ دولة تنضم إلى الهيئة، ومن البديهي القول أن قضاتها المنتخبون ليسوا قضاة شرعيين مسلمين ، وإنما هم -كما نصت (المادة الثانية) من (نظام المحكمة) (من المشرعين المشهود لهم بالكفاية في القانون الدولي!!) والحكم والفصل في النزاع يكون بهوى ورأي أغلبية هؤلاء المشرعين الكفرة. كما في (المادة 55): ” تفصل المحكمة في جميع المسائل برأي الأغلبية من القضاة الحاضرين وإذا تساوت الأصوات رجح جانب الرئيس” … وجاء في هذا الميثاق ما ينصّ على أن للجمعية العامة في الأمم المتحدة أن تفصل كل من انتهك مبادئ الميثاق. وأن لكل دولة منتمية لعضوية الأمم المتحدة حق اللجوء والتحاكم إلى محكمة العدل الدولية … بل قد تعهدت كل دولة من الدول الأعضاء بأن تخضع لأحكام المحكمة في أية قضية تكون طرفاً فيهاراجع (النظام الأساسي لمحكمة العدل الدّولية) و(العلاقات السياسية الدولية) للدكتور إسماعيل صبري ص702 وغيره.
كما نصت (المادة الرابعة والتسعون) من ميثاق الأمم المتحدة: (يتعهد كل عضو من أعضاء “الأمم المتحدة” أن ينزل على حكم محكمة العدل الدولية في أي قضية يكون طرفاً فيها) ونص (المادة الثالثة والتسعون): (يعتبر جميع أعضاء “الأمم المتحدة” بحكم عضويتهم أطرافاً في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية).
ومن أمثلة محادة أحكام تلك المحكمة لشرع الله تبارك وتعالى ما جاء في : مادة (60) من قانونها: (يكون الحكم نهائياً غير قابل للاستئناف، وعند النزاع في معناه أو في مدى مدلوله تقوم المحكمة بتفسيره). وانظر مادة (36) أيضاً ونصّها: (1- تشمل ولاية المحكمة جميع القضايا التي يعرضها عليها المتقاضون، كما تشمل جميع المسائل المنصوص عليها بصفة خاصة في ميثاق الأمم المتحدة أو في المعاهدات والاتفاقيات المعمول بها … 6- في حالة قيام نزاع في شأن ولاية المحكمة تفصل المحكمة في هذا النزاع بقرار منها) اهـ.
وبكل وضوح وصراحة المادة (38) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية … فتبين وتعدد مصادر القانون التي تطبقها هذه المحكمة الدولية الطاغوتية وهذا نصها:
مادة (38): “1- وظيفة المحكمة أن تفصل في المنازعات التي ترفع إليها وفقاً لأحكام القانون الدولي العام، وهي تطبق في هذا الشأن .
( أ ) الاتفاقات الدولية العامة والخاصة التي تضع قواعد معترف بها صراحة من جانب الدول المتنازعة.
(ب) العادات الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون دلّ عليه تواتر الاستعمال.
(ج) مبادئ القانون العامة التي أقرّتها الأمم المتمدنة.
( د ) أحكام المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين في القانون العام من مختلف الأمم”.
فأين قول الشيخ هداه الله : ” وعلى الجانبِ الآخر؛ لا شكّ أنّ في معاهداتِ المنظمةِ ومواثيقِها ما هو ظلمٌ ومنكرٌ، ومُصادمٌ لشريعةِ الإسلامِ مصادمةً صريحةً، وإقرارُه والرضَا به كفرٌ، وخروجٌ عن الملةِ، كما يأتِي المثالُ عليه قريبا.
لكن في الوقت نفسِه، ينصّ ميثاقُها على أنّها لا تتدخلُ في الخصوصيات، ولا في دينِ أيّة دولةٍ، ولا معتقَدِها، ولا شؤونِها الخاصةِ.
وأنّ اتفاقياتِها وقراراتِها هيَ مجردُ توصياتٍ، غير ملزمةٍ لأعضائِها، ويجوزُ لأيّ دولةٍ أن ترفضَها.” ، وقوله : “ لكنْ لا يُجبَرُ أحدٌ بمقتضَى ميثاقِ هذا التحالفِ الأمميّ علَى ما يُخالفُ دينَه .
ليت شعري !!! ألم يقرأ الشيخ قبل أن يخط هذا المقال المادة (103) التي نصت على أنه: ” إذا تعارضت الالتزامات التي يرتبط بها أعضاء “الأمم المتحدة” وفقاً لأحكام هذا الميثاق مع أي التزام دولي آخر يرتبطون به فالعبرة بالتزماتهم المترتبة على هذا الميثاق ” … !! يقول الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي في كتابه القيم (أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن) في تفسير قوله تعالى: { إن الذين ارتدّوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سوَّل لهم وأملى لهم * ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزَّل الله سنُطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم }، قال: (اعلم أن كل مسلم يجب عليه في هذا الزمان تأمّل هذه الآيات من سورة محمد وتدبّرها، والحذر التام مما تضمنته من الوعيد الشديد لأن كثيراً ممن ينتسبون للمسلمين داخلون بلا شك فيما تضمنته من الوعيد الشديد، لأن عامة الكفار من شرقيين وغربيين كارهون لما نزل الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وهو هذا القرآن وما يبينه به النبي صلى الله عليه وسلم من السنة.
فكل من قال لهؤلاء الكفار الكارهين لما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر فهو داخل في وعيد الآية وأحرى من ذلك من يقول لهم: سنطيعكم في كل الأمر كالذين يتبعون القوانين الوضعية مطيعين بذلك للذين كرهوا ما نزّل الله فإن هؤلاء لاشك أنهم ممن تتوفاهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وأنّهم اتّبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه وأنّه محبط أعمالهم ” اهـ.
واسم الهيئة (الأمم المتحدة) من أعظم الأدلة على اتحاد وتناصر وتعاضد وتعاون المائة والتسعة وخمسين دولة المشتركة فيها!!! فكل دولة تشترك فيها فهي متحدة مع أمم الكفر الأخرى على اختلاف مللها ونحلها … وكذلك الأمر بالنسبة للفصل من الأمم المتحدة فإن (المادة السادسة) من الميثاق تنص على أنّه يجوز للجمعية العامة أن تفصل عضواً من الأعضاء إذا أمعن في انتهاك مبادئ الميثاق.
ألم يسمع بما حصل عندما عرضت طالبان إبان حكمها الإنضمام وذيلوا طلبهم باشتراط أن لا تلتزم حكومة الطالبان بأي قرار أو بند يتناقض مع الشريعة الإسلامية ، فرفضت هيئة الأمم الملحدة !!
ومن بنود هذا الميثاق الكفري لتلك المنظمة الخبيثة مناصرة هيئة الكفر هذه على من عارضها ولو كان موحدا ، وهذا واقع شوهد في العراق وأفغانستان وغيرهما ، وقد جاء في (المادة الثانية) من الميثاق: (تعمل الهيئة وأعضاؤها في سعيها وراء تحقيق الأهداف المذكورة في المادة الأولى، وفقاً للمبادئ الآتية:
1- تقوم الهيئة على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها.
2- القيام بالالتزامات التي أخذوها على أنفسهم بهذا الميثاق.
3- فض جميع المنازعات الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم والأمن والعدل الدولي عرضة للخطر.
4- يمتنع جميع الأعضاء في علاقاتهم الدولية عن استعمال القوة ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق وأهداف الأمم المتحدة .
5- يقدم جميع الأعضاء كل ما في وسعهم من عون إلى الأمم المتحدة في أي عمل تتخذه وفق هذا الميثاق كما يمتنعون عن مساعدة أية دولة تتخذ الأمم المتحدة إزاءها عملً من أعمال المنع أو القمع … ) إلى آخر ذلك … بل نصت (المادة الثالثة والأربعون): على أن: ” يتعهد جميع أعضاء “الأمم المتحدة” في المساهمة في حفظ السلم العالمي والأمن الدولي وأن يضعوا تحت تصرف مجلس الأمن ما يلزم من القوات المسلحة والمساعدات والتسهيلات الضرورية لحفظ السلم والأمن الدوليين ومن ذلك حق المرور”.
يا شيخنا ! مساواة في السيادة مع أهل الكفر ، والحفاظ على الأمن والعدل بمفهوم أهل الكفر ، والذي يلزم منه نبذ الجهاد وراء أظهرنا ، بل مناصرة الكفار على من عاداهم من المسلمين ، إنه حلف الطبول في دار أوباما بن جدعان !!
قال الشيخ : ” ويندرجُ تحت هذهِ الأهدافِ العامةِ للمنظمةِ، أهدافٌ أخرَى كثيرةٌ؛ كالاعتناء بالتعليم والثقافة، وحمايةِ البيئة، ومساعدةِ الدولِ الفقيرة، والغذاء العالميّ، وإعانة اللّاجئين، وبرامجِ الإغاثةِ في الأزماتِ والكوارث، وغيرِ ذلك مِن الخدمات، ذاتِ الطابع التعاونيّ، في مجالِ الصحةِ أو الاقتصاد أو الاجتماع، ممّا يدخلُ في التعاونِ الإنسانيّ المفيدِ للبشريةِ، ومِن التعاونِ على البرّ “ ، جاء في (الموسوعة الميسرة في الأديان والمذهب المعاصرة) الصادرة عن الندوة العالمية للشباب الإسلامي في الرياض ص451، في أفكار ومعتقدات وأهداف الماسونية “السّيطرة على المنظمات الدولية بترؤسها من قبل أحد الماسونيين كمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة … الخ).لذا فلا عجب إذا عرفنا أن الذين تولّوا هذه المنظمة وأداروها منذ نشأتها أكثرهم من اليهود، مثلاً:
– أم. لافهن رئيس شعبة الثقافة العالمية: (يهودي).
– ألف س. فيلد، رئيس لجنة التبادل التجاري الخارجي: (يهودي) .
– جي. إيزن هارد، رئيس لجنة تنظيم الثقافة العالمية: (يهودي) .
– أج. كابلن رئيس قسم الاستعلامات العام: (يهودي) .
– وغيرهم … . وراجع في تفاصيل هذا كتاب (أسرار الماسونية).
قال الشيخ : “وحلفُ الفضولِ الذي مدحَه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلّم، كانت تعاقدَتْ عليهِ بعضُ قبائلِ وساداتِ العربِ في الجاهلية؛ للتعاونِ على ردعِ الظالمِ ونُصرةِ المظلوم ” .
أسألك بالذي خلف السموات والأرض من الذي ينصر في هيئة الكفر هذه غير أهل الكفر من يهود و نصارى وبوذيين ….، ومن الذي تصب عليه القنابل ويقتل ويشرد غير الموحدين والمسلمين ، والله لو لم يكن الإنضمام لهذه المنظمة كفرا – كما هو واقع الحال – لعده العاقل من السفه الذي يجلبه المنضم على نفسه ، فأين الحكمة يا شيخنا .
وما يذكرني ذلك إلا بما فعلتموه في الحوار الوطني برعاية هذه الهيئة الكافرة ، فعندما أنكر عليكم المنكرون ، قلتم : وما يضير من شهود كافر للصلح بين المسلمين ، وتعاميتم عن حقائق الحال ، وأن هؤلاء { ودّوا ما عنتم } ، ثم لما انقلبوا عليكم صرحتم بأنفسكم ورجعتم إلى ما كنتم تنكرونه من أن مواقف هذه المنظمة ما كانت تصب دائما إلا في صالح غير المسلمين ، فاللهم غفرا .
وأهدي للشيخ نص المادة الأولى من ميثاق هيئة الأمم الملحدة ، ليرى بنود حلف الفضول شاخصة متمثلة !!!! (المادة الأولى) (أغراض الأمم المتحدة ومبادئها هي:
1- المحافظة على السلم والأمن الدوليين … إلى قولهم: للقضاء على الأعمال العدوانية أو غيرها من أعمال تخلّ بالسّلام وأن تحل بالوسائل السلمية وطبقاً لمبادئ العدالة والقانون الدولي، المنازعات الدولية أو الخلافات التي تؤدي إلى الإخلال بالسلم .
2- تنمية العلاقات الودية بين الأمم.
3- تحقيق التعاون الدولي لحل المشكلات العالمية والاجتماعية والثقافية والإنسانية والعمل على زيادة احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية بدون تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين، ولا تفريق بين الرجال والنساء) ، تحل الخلافات طبقا لمبادئ عدالة الكفر وقانونه ، أهذا حلف الفضول ، تنمية العلاقات الودية مع من قتلونا وغصبوا أرضنا وانتهكوا أعراضنا ، أهذا حلف الفضول ، لا تمييز بين الرجل و لا المرأة في الحقوق والواجبات وكذا المسلم والكافر أهذا حلف الفضول!!.
قال الشيخ : ” لكن الذِي يُستفاد من الحديث، أنه صلى الله عليه وسلم لم يَمْنَعْه ما عليهِ الجالِسونَ في بيتِ ابنِ جُدعان؛ مِن فسادِ العقيدةِ، وعبادةِ الأصنامِ، والتحاكُم إلى الطاغوت، لم يمنَعِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مِن أنْ يُثنيَ على ما تعاهدُوا عليه مِن البِرّ والخيرِ، والتعاونِ على الإحسانِ لخلقِ الله تعالى، وردعِ الظالم، ونُصرة المظلوم .
وهذا أيضا من الحيدة عن محل البحث ، فنقاشنا ليس فيما يعتقده المشاركون في هذه المنظمة أو يفعلونه ، وإنما في بنود عقد الإنضمام لهذه المنظمة ، وللأسف هذه الحيدة أصبحت منهجا لكثير من المدافعين عن الطواغيت والمناوئين للمجاهدين – ولا أقول الشيخ منهم بإطلاق بل وافقهم في أشياء – حتى قال بعضهم – من أهل الجهاد – : هؤلاء المشايخ يتحاورون معنا حوار الطرشان !!
نقول : الحكام مرتدون فيقولون : لا يجوز الخروج على ولاة الأمر !!
نقول : الديمقراطية شرك ناقض للتوحيد (وهو أعظم مصلحة)، فيقولون : تجوز المشاركة في الديمقراطية لما فيها من مصالح !!
نقول : الجهاد فرض عين، فيقولون لا بد من إذن الإمام ووجود الراية !!
ونقول : النصارى في بلادنا لم تتوفر لهم شروط الأمان، فيقولون : لا يجوز الاعتداء على المعاهدين !!
وهذا يجعلنا نعتقد بأنهم غير جادين في حديثهم وانتقادهم للمجاهدين وغير حريصين على بيان ما يرونه حقا لهم ..
وهذا ما يغذي بُعدَ الشباب عن علماءهم ، وانجرار بعضهم –وللأسف- للغلو في إنزل أحكام الكفر على المسلمين من مخالفيه ، لأن أمثلة هذه النقاشات تجعله يعرض عن العلم والعلماء مطلقا فيقع في براثن الغلو صيدا سهلا ، فأساء هؤلاء من حيث أرادوا الإصلاح ، ولا حول و لا قوة إلا بالله .
وبعد هذا نجد الشيخ هداه الله لا زال مصرا على المضي في ذات السبيل فيقول : ” وهذا يدلّ على أنه لا يأثمُ امرؤٌ بحليفِهِ، فمَن شاركَ في أمرٍ فيه نفعٌ للناس وبرّ، لا يضرّه ما عليه شريكُه من الإثمِ، ما دامَ غيرَ راضٍ عنه، ولا يُلزم بما عليه شريكه ” ، وهذا ليس محل البحث قطعا ، فمعلوم من السيرة قيام النبي صلى الله عليه وسلم بتحالفات مع أقوام من أهل الكفر والإشراك ، ولكن المحك هي بنود الإتفاق ومآلاته ، وأما في قوله في معرض ذكر بنود معاهدات النبي صلى الله عليه وسلم مع بعض الكفار : “أن يكون التناصر بينهم على مَن حاربَهم “ فهذا في واقع لا يوجد فيه إلا دولة مسلمة واحدة تجمعهم ، ونحن اليوم متفرقون شذر مذر ، وما كان النبي صلى الله عليه وسلم ليناصر كافرا ولو على آحاد المسلمين ، فأين هذا من واقعنا اليوم ، وأقربه فلسطين !!
قال الشيخ : ” هذا هو الفقهُ والتبصرُ، المؤسّسُ على الدليل، أن يتنبّه المسلمونَ إلى ما يعرض عليهِم، مِن خلال هذه المنظمةِ الدولية، أو من غيرها، فيعرضُوه على شريعتِهم وتعاليمِ دينِهم، فما تُقرّه مِن تعاونٍ وبرّ أقرّوه، وما تردُّه مِن عُدوان وإثمٍ، تحفظوا عليهِ وردّوه، ولا يمنعُهم ظلمُ الظالمين، وكفرُ الكافرينَ من إغاثةِ الملهوف، ونجدةِ الضعيفِ، ونصرةِ المظلومِ، وإقامة العدلِ “ ، سبحان الله وهل يملكون من أمرهم شيأ ، وقد تقدم معنا في المقدمة الخامسة أن العبرة بالحقائق لا بالتخيلات ، فمجرد القبول بالتوقيع على عقد الإنضمام لهيئة بنودوها كفرية كفر ولو لم يفعل صاحبها شيأ مما يخالف شريعته ، فكيف والواقع يشهد أن طواغيت العرب ومدعي الإسلام أول المهرولين لإجابة أسيادهم ؛بل ويتسابقون في ذلك ، والمؤتمر الوطني لا يخرج عن ذلك ، فبعد أن قالوا عن البرلمان أنهم خونة واستعانوا بالكافر على أبناء جلدتهم وأنه لا صلح معهم ، ذهبوا تحت الضغوط للحوار ، و تغيرت النبرة إلى الحوار الوطني مع خونة الأمس ، ثم لما دخلت حكومة الوصاية على الخط ، رفضوا أولا وتمسكوا بحوار الخونة الأوائل ، وبعد الضغوط صار الكلام على هل سيبقى الطاغوت حفتر أم لا ؟ ، وقائمة الانحطاط تتوالى ، فهل من قومة قبل الفوات .
قال الشيخ : ” وبهذا يتبينُ الفرقُ جليًّا بين قاعدةِ التعاون على البرّ، الذي أمرَ به الله…..” ، هداك الله يا شيخ أتتعاون على البر والتقوى مع أمريكا حامية الصليب و مذلة الخلق ، وقاتلة المسلمين وداعمة اليهود ، أم مع روسيا التي أحالت بلاد الشام نارا على أهلها المستضعفين وقتلت المسلمين في الشيشان ، أم الصين التي سامت إخواننا في تركستان الشرقية سوء العذاب ، أم فرنسا التي دمرت مالي وعاثت في أرض أفريقيا فسادا ، وتلظينا بمؤامراتهم في ليبيا ، أم بآل نهيان وآل مكتوم داعمي العلمانيين ومحبطي الثورات على الطغاة ، أم السيسي منتهك الأعراض والذي أحال أرض الكنانة إلى دمار ، أم أم …….
ومن جملة مواد ميثاق هيئة الكفر (المادة العاشرة): التعهد باحترام الاستقلال السياسي والسيادة الإقليمية لكل دولة.
فنحترم سيادة واستقلال دولة يهود العضو في هذه الهيئة الكافرة ونتعهد بذلك .
قال الشيخ : ” وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرتاح للأخنس بن شريق، وهو مشركٌ ” ، فما أدري من أخنس ليبيا ، أهي ديبورا جونز ، أم سفير فرنسا الذي خاط الجنوب يحيك المؤامرات ……..أم من يا شيخنا ، فالله المستعان .
ثم قال الشيخ : ” وفي هذا المعنى يقولُ الله تباركَ وتعالى: { لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} ، وما ينقضي عجبي ، من الذي لم يقاتلنا في ديننا من هؤلاء ، أأمريكا التي كان القساوسة يعمدون المقاتلين قبل حرب العراق ، وقد صرح كبيرهم الأحمق المطاع بأنها حرب صليبية ، أما روسيا التي بارك حملته على الشام كبير باباواتهم ، …… ، لما تغطون عين الشمس بالغربال ، ألا تفيقون من غفلتكم أو تغافلكم .
قال الشيخ : ” وذكر المحققون من أهل العلم؛ أن النهي الوارد في هذه الآية – وفي غيرها من الآيات – عن موالاةِ الكفارِ، هو محمول على موالاة التحالفِ والتناصرِ المصحوبة بالرّضى بدينهم ومودتِهم والميلِ إليهم؛ كما قال تعالى: {تُلقُونَ إليهِم بالموَدّة} “ ، وما أدري والله من هؤلاء المحققون ، وتقدم معنى في المقدمة الأولى الرد على هذه الشبهة عموما ، وأما قول بعض أهل العلم : ( لا نكفر أحداً بذنب مالم يستحلَّه ) يقصدون بذلك الرد على الخوارج المكفّرين بمطلق الذنوب من الزنا والسرقة والكذب وشرب الخمر ونحو ذلك ولا يعنون بذلك امتناع التكفير بعمل كل ذنب فهذا باطل لم يقل به أحد من أهل السنة وقد تواترت الأدلة على خلافه ، فالذبح لغير الله والسجود له ، وشبهها أعمال يكفر صاحبها بمجرد الفعل وهناك أقوال يكفر صاحبها بمجرد القول ، قال إسحاق بن راهويه المروزي . ت:238هـ : (ومما أجمعوا على تكفيره ، وحكموا عليه كما حكموا على الجاحد ، فالمؤمن الذي آمن بالله تعالى ، ومما جاء من عنده ، ثم قتل نبيا، أو أعان على قتله ، وإن كان مقرا ، ويقول : قتل الأنبياء محرم ، فهو كافر ، وكذلك من شتم نبيا ، أو رد عليه قوله من غير تقية ولا خوف ) “تعظيم قدر الصلاة” (2/930) . وأنا أزيدها إيضاحا في خصوص مسئلة مظاهرة الكفار على المسلمين فأقول :
قال ابن حزم في «المحلى»: (11/ 35) : (وصح أن قول الله تعالى {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار فقط، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين).
وقال رحمه الله: (فصح بهذا أن من لحق بدار الكفر والحرب مختاراً محارباً لمن يليه من المسلمين فهو بهذا الفعل مرتد له أحكام المرتد كلها من وجوب القتل عليه متى قدر عليه ومن إباحة ماله وانفساخ نكاحه وغير ذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبرأ من مسلم.
وأما من فر إلى أرض الحرب لظلم خافه ولم يحارب المسلمين ولا أعانهم عليهم، ولم يجد في المسلمين من يجيره فهذا لا شيء عليه لأنه مضطر مكره) اهـ .
وقال القرطبي في «تفسيره»: (6/217): ({ومن يتولهم منكم }أي يعضدهم على المسلمين {فإنه منهم}بين تعالى أن حكمه كحكمهم، وهو يمنع إثبات الميراث للمسلم من المرتد، وكان الذي تولاهم ابن أبي، ثم هذا الحكم باق إلى يوم القيامة في قطع الموالاة).
وما ذكر هؤلاء العلماء ربطه بالقلب ، فأين هم المحققون ! ، ومما يدل على كفر المتحاكم لهذه المنظمة الكفرية وقاتل المسلمين تحت رايتها ما تقدم من الآيات ، قال ابن حزم الأندلسي في «المحلى»: (11/200، 201) : (وأما من حملته الحمية من أهل الثغر من المسلمين فاستعان بالمشركين الحربيين وأطلق أيديهم على قتل من خالفه من المسلمين، أو على أخذ أموالهم أو سبيهم، فإن كانت يده هي الغالبة وكان الكفار له كأتباع فهو هالك في غاية الفسوق، ولا يكون بذلك كافراً، لأنه لم يأت شيئا أوجب به عليه كفراً قرآن أو إجماع.
وإن كان حكم الكفار جارياً عليه فهو بذلك كافر، على ما ذكرنا، فإن كانا متساويين لا يجري حكم أحدهما على الآخر فما نراه بذلك كافراً. والله أعلم) اهـ.
قال الشيخ ليبين أن الموالاة من غير اعتقاد ليس بكفر أكبر : ” وتُعد الموالاةُ على هذا النحو لغير ضرورةٍ إثمًا، لا كفرًا لأمرين؛ الأول – ما صح من حديث علي رضي الله عليه في الكتاب الذي كتبه حاطب بن آبي بلتعة…….” ، قال الإمام البخاري : (باب الجاسوس وقول الله تعالى { لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء }، التجسس : التبحث ) ، ثم بساق بسنده قصة حاطب رضي الله عنه ، فدل هذا على أن ما قام به حاطب رضي الله عنه من التجسس وقول عمر : ” دعني أضرب عنق هذا المنافق ” متفق عليه ، وفي رواية للحاكم ” فقد كفر ” وصححها ابن حجر و الهيثمي، وفي رواية للبخاري ” قد خان الله ورسوله ” ، وأنه من موالاة الكفار وهي كفر وردة ، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم قوله وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ، فدل على أن التجسس كفر مخرج من الملة ،وإنما بين وجود المانع ، وذكر علامته ، فإن قيل كونه من أهل بدر ليس مانعا من موانع التكفير ، قأقول هذا حق ، ولكنه علامة على المانع ، فكونه من أهل بدر دليل على أنه لا يقع في الكفر ألبتة لرضى الله عنهم ، والله سبحانه لا يرضى إلا عن رضيِّ ، والمانع من إنزال الحكم على حاطب هو التأويل أن رسالته لا تضر المسلمين فقد كان فيها تخويف لهم حيث قال : ” قد علمت أن الله مظهر رسوله ومتم أمره ” رواه ابن حبان ، وإنما تحقق له مصلحة كما قال : ” فكتبت كتابا لا يضر الله و رسوله شيأ وعسى أن يكون منفعة لأهلي ” رواه الحاكم وصححه الضياء .
قال ابن حجر : ” وعذر حاطب ما ذكره ؛ فإنه صنع ذلك متأولا أن لا ضرر فيه ” فتح الباري (8/634) .
قال القاضي أبو يعلى : ” في هذه القصة دلالة على أن الخوف على المال والولد لا يبيح التقية في إظهار الكفر كما يبيح في الخوف على النفس ويبين ذلك أن الله تعالى فرض الهجرة ولم يعذرهم في التخلف لأجل أموالهم وأولادهم وإنما ظن حاطب أن ذلك يجوز له ليدفع به عن ولده كما يجوز له أن يدفع عن نفسه بمثل ذلك عند التقية وإنما قال عمر دعني أضرب عنق هذا المنافق لأنه ظن أنه فعل ذلك عن غير تأويل ” زاد المسير (8/234) .
قال ابن جرير الطبري : ” القول في تأويل قوله : { لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ …ومعنى ذلك: لا تتخذوا، أيها المؤمنون، الكفارَ ظهرًا وأنصارًا توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلُّونهم على عوراتهم، فإنه مَنْ يفعل ذلك {فليس من الله في شيء}، يعني بذلك: فقد برئ من الله وبرئ الله منه، بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر ” تفسير الطبري (3/228) .
و قول ابن القاسم، وسحنون من أئمة المالكية ، ومشهور المذهب أن الجاسوس المسلم أصلا له حكم الزنديق فإن جاء تائباً قبل القدرة عليه قبلت توبته، وإلا قتل ولا بد وهو الصحيح خصوصا في هذا الزمان لما للجاسوس من عظيم الضرر الذي لم يكن في الزمن الأول ، فأين هذا مما استدل به الشيخ ، على أن من قال من العلماء أن التجسس ليس مكفرا إنما جعله من صور الموالاة غير المكفرة بسبب اشتباه حديث حاطب رضي الله عنه لا أنه جعل جميع صور الموالاة غير مكفرة كما أراد الشيخ غفر الله له .

قال الشيخ : ” الثاني – أن الجماعةَ الواحدة، أو الشخص الواحد، قد يَكون محبوبًا من جانبٍ، ومكروهًا مبغضًا من جانبٍ……” ، فهذا خارج البحث لأن الشرع حكم بأن نصرة الكافر على المسلم ليست مكروهة فقط بل مخرجة من الملة ، وقد تقدم الكلام على ذلك ، فما وجه ما ذكر الشيخ .
وقد ختم الشيخ بهذه الآية { لَا يَجرِمَنّكُم شَنَآنُ قومٍ على ألَّا تَعدلُوا اعدِلُوا هوَ أقربُ للتّقوَى } ، فلا يحملنا غلو البعض على أن نقابله بالإفراط فالخطأ لا يعالج بالخطأ ، وإنما الحق يقضي على الباطل .
وأخيرا فلا ننسى بقية أذرع تلك الهيئة الخبيثة كمنظمة العدل الدولية التابعة للرمم المتحدة هذه المنظمة لها دستور وقانون محكّم فيها تخضع له وتتحاكم إليه جميع الدول الأعضاء في هذه المنظمة … هو (دستور منظمة العمل الدولي، وإعلان فيلادلفيا 1944م) ، واللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي التابعة للأمم الملحدة ، ومعلوم ما لهذه اللجنة من نشاطات في السعي إلى تنصير المسلمين وتحويلهم من التوحيد إلى الشرك والتنديد، وليست المنظمات الأخرى التابعة للأمم المتحدة بأحسن حالا ، كمنظمة عدم الانحياز ومنظمة الدّول المصدّرة للبترول (أوبيك) والصّندوق الخاص (للأوبيك) وغير ذلك من المنظمات والهيئات الكفرية ، ولو عمد طالب الحق إلى تتبع هذه الهيئات والمنظمات منظمة منظمة ونظر في قوانينها وبنودها ودساتيرها لوجد الكفر البواح والمعارضة لشرع الله عز وجل، والمقصود ضرب المثال لا الحصر .

والله الهادي إلى سواء السبيل

 

 =================

وفيما يلي رابط برد فضيلة الشيخ الصادق الغرياني على هذه الشبه بعنوان :

 

(التعقيبُ على التعقيباتِ)

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق