(المنظمة الدولية!! ما لها وما عليها؟! – الحلقة 1-3)
بسم الله الرحمن الرحيم
(المنظمة الدولية، ما لها وما عليها؟)
الحلقة الأولى
من شُبَه غلاة التكفير التي يبهرجونها ويروجونها، تكفير كل من ينضمّ إلى الأمم المتحدة، فردا كان أو دولة، بحجة أنها برلمان عالمي، له حق التشريع من دون الله، وهو صنم العصر ـــ كما يقولون ـ وكل عضو فيها يشكل جزءا من هذا الصنم، وأعمال الكفر لا تراعى فيها المصالح والمفاسد، ولا يُعذر فيها إلا بالإكراه
هذا خلاصة ما يُلْقونه على الشباب، يوقعونهم في الحيرة.
وسيتم عرض الموضوع في ثلاث حلقات.
الحلقة الأولى – توصيف المنظمة والانضمام إليها:
من المعروف أن الحكم على الشيءِ فرعٌ عن تصوره.
فلنتصوّر أولًا هذه المنظمة، ما لَها ومَا علَيها؟ ثم نتبين الموقف الشرعي منها ومن الانضمام إليها.
هيئةُ الأممِ المتحدة منظمةٌ عالميّة، منضَمّة إليها دولٌ مسلمة، وأخرى غيرُ مسلمةٍ، ومعلوم أنه تتحكمُ فيها دولٌ كبرى، غيرُ مسلمة.
والذي يهمنَا – حينَ نتكلمُ عن حكمِ الانضمامِ إليها – هوَ الميثاقُ والنّظمُ المكتوبةُ، التي تحكُمُها، لا ممارساتها التي تكيلُ بمكيالينِ.
هذا الميثاقُ المكتوبُ ينصُّ على أن لها كثيرا من الأهدافِ، والمهامّ النافعة المفيدة.
منها على سبيلِ المثال:
1- الحفاظُ على استقلال الدول، وتنظيم العلاقاتِ بينها.
2- الحفاظُ على السلامِ العالميّ.
3- منع انتشار أسلحة الدمار، مع أنّ المنظمة تحتكرُ هذا السلاح المدمرَ لإسرائيل، وتمنع غيرها في المنطقة!
4- المحافظةُ على حقوق الإنسان، لكن يجدر التنبيه على أن من هذه الحقوق ما هو حقوق حقيقية، ومنها ما هو انحرافٌ وتشويهٌ لحقوق الإنسان.
ويندرجُ تحت هذه الأهداف العامة للمنظمة، أهدافٌ أخرى لها كثيرة؛ كالاعتناء بالتعليم والثقافة، وحماية البيئة، ومساعدة الدول الفقيرة، والغذاء العالمي، وإعانة اللاجئين، وبرامج الإغاثة في الأزمات والكوارث، وغير ذلك من الخدمات، ذات الطابع الصحي أو الاقتصاد أو الاجتماعي، ممّا يدخلُ في التعاونِ الإنساني المفيد للبشرية، ومِن التعاونِ على البرّ.
وعلى الجانب الآخر؛ لا شكّ أنّ في معاهدات المنظمة ومواثيقِها ما هو ظلمٌ ومنكرٌ، ومُصادمٌ لشريعة الإسلامِ مصادمةً صريحةً، وإقرارُه والرضَا به كفرٌ وخروجٌ عن الملةِ، كما يأتي مثاله قريبا.
لكن في الوقت نفسه، ينصّ ميثاقُها على أنّها لا تتدخلُ في الخصوصيات، ولا في دينِ أيّ دولةٍ، ولا معتقَدِها، ولا شؤونها الخاصة.
وأنّ اتفاقياتِها وقراراتِها هيَ مجردُ توصياتٍ، غير ملزمةٍ لأعضائِها، ويجوزُ لأيّ دولةٍ أن ترفضَها.
من ذلكَ على سبيلِ المثال؛ وثيقةُ (سيداو)، التي عُرضت في السابقِ على الجمعية مرارا، ووثيقةُ (الجندر) للتنمية المستدامة، التي تُعرض أواخرَ شهرِ سبتمبر لهذا العامِ، وتخططُ الأمم المتحدةُ لفرضِها على الأعضاءِ، بحلول عام 2030 م.
هذه الوثيقةُ هي في الحقيقةِ عارٌ على الإنسانية، لا تُصادمُ فقط الدينَ والشريعة الإسلامية والأخلاق، بل تُصادمُ الفطرةَ والسلوكَ الإنسانيّ السويّ؛ لأنّها – باختصار- دعوةٌ لنشرِ الرذيلة، وتشرعنُ للفاحشةِ والشذوذِ، وتدمرُ كيانَ الأسرةِ تدميرا كاملا، وتنفِي كلّ الفوارق بينَ المرأةِ والرجلِ، القائمةِ على الجنس، التي لا مناصَ لأيّ عاقل في الدنيا من الاعتراف بها، قال تعالى: (وَليسَ الذَّكرُ كَالأُنثَى).
خلاصة التوصيفِ السابقِ للانضمام للمنظمة:
يمكن أن يقال: هو انضمامٌ إلى تحالفٍ يضمّ مسلمينَ وغيرَ مسلمين، يشرعون لأنفسهم ما لم يأذن به الله، لا يُجبَرُ فيه أحدٌ بمقتضَى ميثاقه على ما يخالفُ دينَه.
فهل هذا يجوزُ شرعًا، أو لا يجوزُ؟
الجواب في الحلقة الثانية.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
الثلاثاء 8 ذو الحجة 1436 هـ
الموافق 22 سبتمبر 2015 م