طلب فتوى
الفتاوىالمواريث والوصايا

التصرف في التركة يكون بالرضا التام من الورثة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3350)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

توفيت أمي سنة 1987م، وتركت مع أبي ثمانية أبناء، وأربع بنات، أغلبهم قصر، فتزوج أبي بعد سنة من وفاتها، وتصرف فيما تركته من ذهبٍ، برضَا جميع الورثة، وأنجب منها ابنًا سنة 1989م، ثم طلقها، وتزوج بأخرى، أنجب منها ابنًا سنة 1993م، ثم طلقها، وبعد وفاة أبي سنة 2003م، تم تعييني في المحكمة وصيًّا على أخويَّ من أبي؛ كونهما قاصرين، وبقيتْ بعض القطع من ذهب أمي، لم يتصرف فيها أبي؛ لأنها لم تكن عند أمي وقت وفاتها، منها (ماداليا) وزنها تقريبا (70 جراما)، كانت تستعيرها أحيانا أختي (ن)، ثم تصرفت فيها لما تزوجت سنة 1991م، بعلم الورثة وسكوتهم وعدم اعتراضهم، علما بأن بعضهم قصر، وكذلك (عقد مظفور) يزن تقريبًا (70 جراما)، كان عند أختي (ن)، وبقي عندها حتى أخذه منها أخي (م) حين تزوج سنة 1996م، بعلم الورثة وسكوتهم وعدم اعتراضهم، وأصغرهم يومئذ عمره ستة عشر عامًا ميلادية (مواليد 1980م)، وثلاث قطع أخرى، وزنها (75 جراما)، كانت عند أختي، ثم بقيت أمانة عندي إلى اليوم، فكيف أتصرف في القطع التي بحوزتي؟ وهل حكمها حكم القطعتين اللتين أخذهما (م) و(ن) فيما سبق؟ وهل لأخويَّ من أبي حقٌّ فيها؟ وهل يجوز التبرع بها عن الوالدين لمشروع وقفي أو عمل خيري؛ برًّا بهما، ونفعًا للميت، وإثابة للحي؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن الذهب الذي تركته أمك، وتنازلتم عنه لأبيكم، لا يصح له منه إلا ربعه، ونصيب البالغين من الورثة، وأما القصر من الأبناء والبنات، فلا يصح لأحد أن يتنازل عن نصيبهم نيابةً عنهم، وكذلك نصيب القصر في القطعتين اللتين أخذهما (ن) و(م) باق على ملكهم، وكذلك حق باقي الورثة البالغين؛ لأن سكوتهم طول هذه المدة لا يلزم منه الرضا؛ فالحياء والخوف من سلطان الأعراف والعادات وخشية الاتهام من الناس، يحمل الإنسان وخاصة النساء على السكوت، وقد سُئل الأستاذ أبو سعيد بن لب، عمن وهبت له هبة على وجه الحياء والحيازة، هل تطيب للمتصدق عليه أم لا؟ فأجاب: “قد قال الفقهاء في الصدقة: إذا طلبت من المتصدق، وفهم من حاله أنه أعطاها حياء وخجلاً أو غير طيب النفس، أنها لا تحل للمتصدق عليه” [المعيار:153/9].

وعليه؛ فمن أُخذ منه شيء، وسكت في ذلك الوقت، ولم يعلم رضاه من عدمه، يُسأل الآن؛ فإن كان راضيا في ذلك الوقت صح تنازله، وإن قال إنه سكت حياء، فحقّه فيما أخذ منه مِن الميراث قائمٌ.

وأما الذهب الذي بقي محفوظا عندك، فهو جزءٌ من تركة أمك، يقسم حسب الفريضة، على جميع الورثة الأحياء يوم وفاتها، فنصيب أبيكَ (الزوج) الربع فرضًا، والباقي للأولاد تعصيبًا؛ للذكر مثل حظّ الأنثيين، ونصيب أبيك يقسم بين أولاده من جميع نسائه؛ للذكر مثل حظ الأنثيين، فيدخلُ فيهم أبناؤهُ القصر.

ويجوز أن يتبرعَ الورثة بالتركة أو بجزء منها في أوجهِ المعروف، بشرط رضاهم وموافقتهم جميعًا، ويستثنى من ذلك نصيب القصَّر في أبيهم، فلا يجوز للوصي أن يتبرع بمالِهم نيابة عنهم؛ قال الخرشي رحمه الله: “الوصي لا يجوز له أن يهب من مال اليتيم للثواب” [شرح مختصر خليل:297/5]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

27/ذو القعدة/1438هـ

20/أغسطس/2017م

  

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق