طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوى

الطلاق بلفظ: (أنت حارمة) طلاق بائن بينونة صغرى

ما حكم زوجين استمرا في حياتهما الزوجية بعد طلاق بائن بينونة صغرى؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4694)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

وقع لي خلافٌ مع زوجتي منذ عشرينَ سنةً تقريبًا، فقلت لها: أنتِ حارمة، ولم أكن أعلم ماذا تفيدُ، وبقيتْ حياتُنا الزوجية كما هي، ومن ثلاثة أشهرٍ تقريبًا تلفظتُ باللفظِ نفسهِ مرتينِ، وبعدهما بلفظِ: أنتِ طالقٌ، ولم أقربْها من حينها، فما الحكم؟

الجواب:

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإذا كان الحال كما ذُكر، فإنّ زوجتكَ قد بانتْ منك بينونةً صغرى؛ لأنّ الطلاق بلفظ: “أنت حارمة” المختار فيه أنه يقع بائنًا بينونةً صغرى، وهو رواية عن مالك رحمه الله، قال القرطبي رحمه الله: “وَاخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِزَوْجَتِهِ: “أَنْتِ عَليَّ حَرَامٌ” على ثمانية عشر قولا: وسابعها: أنها طلقة بائنة، قاله حماد بن أبي سليمان وزيد بن ثابت، ورواه ابن خويز منداد عن مالك…”] تفسير القرطبي  .[180/18

أما الطلاقُ الواقع بعدها فغيرُ مُعتدٍّ به؛ لأنه لم يصادفْ زوجةً في العصمة، ولا بدّ -لكي يكونَ العقدُ عليها صحيحًا- أن تُستبْرَأَ المرأةُ مِن وطء زوجها الفاسدِ بثلاثِ حيضاتٍ، والوطء الحاصلُ بعد هذه الطلقة يعدُّ وطئًا محرمًا، يجبُ عليك التوبةُ مِنه.

وأما نسبةُ الولد الذي حصلَ من هذا الوطءِ الفاسد، فإن كان الزوج حين تماديه على الوطء جاهلًا بالتحريم، فيلحقُ به الولدُ؛ لأنّ الوطء كان بشبهة، قال التسولي رحمه الله: “وَالْمعْنَى أَن النِّكَاح الْفَاسِد كَانَ مُتَّفقًا على فَسَاده كَنِكَاح ذَات محرم أَو خَامِسَة أَو مُخْتَلفا فِي فَسَادِهِ كالْمُحْرِم، والشِّغَارِ إِنْ دُرِئَ فِيهِ الْحَدُّ عَن الزَّوْجِ بِعَدَمِ عِلْمِهِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَمُطْلَقاً فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لِأَنَّ الْخِلَافَ وَلَو خَارجَ الْمَذْهَبِ يَدْرَأُ الْحَدَّ، فَإِنَّهُ يَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ” [البهجة:1/430]، وإن كان الزوج عالما بالتحريم، فإنّ وطأه يعدّ زنا، والأصل الذي عليه جمهورُ أهلِ العلمِ؛ أنّ ولدَ الزنا ينسبُ لأمِّه، ومِن أهل العلمِ مَن يجوّزُ نسبتهُ إلى الزاني.عليه؛ فإن كان الحالُ كما ذكر، فإنّ الطلاقَ الواقعَ على المرأة من عشرين سنة بلفظ (أنت حارمة) يعد طلقةً بائنةً بينونةً صغرى، وهي الطلقةُ الأولى، وبما أنّ المرأة قد مكثتْ أشهرًا بعد هذا الطلاقِ دون رجعة، فإنها تكونُ قد خرجتْ من العدةِ، ولا تجوز مراجعتها إلا بعقد جديد، والطلاق الواقع بعد ذلك لا يلزم منه شيء؛ لأنه وقع على امرأة بائنة فلا يجد محلًّا، وعلى الزوج أن يتوب إلى الله مما صنع، من المعاشرة المحرّمة، وأولادُه ينسبون إليه لجهله بالتحريم والله أعلم.

وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

24//ربيع الأول//1443هـ

31//10//2021م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق