المتوفَّى عنها زوجها تعتد في بيت زوجها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2603)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
امرأةٌ اختصمت مع أبناءِ زوجها، فغادرت المنزل، وبقيت مع أختها المتزوجة، وبعد مدة توفي زوجها، فهل ترجع لتعتدَّ في بيت زوجها، وربما يحصل نزاعٌ وتشاجرٌ، أم تبقَى في بيتِ أختها، مع أبناءِ أختها، وزوج أختها؟
الجواب:
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فيجبُ على المتوفَّى عنها زوجها المبيت مدةَ العدة في بيت زوجها الذي تسكنه ما أمكن ذلك؛ لما وردَ أن الفريعة بنت مالك بن سنان، وهي أخت أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ جاءت إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ تسأله أن ترجعَ إلى أهلِها في بني خدرة، فإن زوجها خرج في طلب أَعْبُدٍ له أَبَقوا، حتى إذا كانوا بطرف القَدُوم لحقَهم، فقتلوه، قالت: فسألتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن أرجع إلى أهلي في بني خدرة، فإن زوجِي لم يتركني في مسكن يملكه، ولا نفقة، قالت: فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (نعم)، قالت: فانصرفتُ، حتى إذا كنت في الحجرة ناداني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، أو أمر بي فنُوديت له، فقال: (كيف قلتِ؟)، فرددتُ عليه القصة التي ذكرتُ له من شأن زوجي، فقال: (امكثي في بيتك حتى يبلغَ الكتابُ أجله)، قالت: فاعتددتُ فيه أربعة أشهر وعشرا، قالت: فلما كان عثمان بن عفان رضي الله عنه أرسل إلي، فسألني عن ذلك، فأخبرته، فاتبعه، وقضى به. [الموطأ:2193].
وقال ابن عمر رضي الله عنهما: “لا تبيتُ المتوفَّى عنها زوجها ولا المبتوتة إلا في بيتها” [الموطأ:2197]، و لا يحل للمعتدة أن تنتقل من بيتها حتى تنقضي عدتها، إلا لعذرٍ لا يمكنها المقام معه، قال الخرشي رحمه الله: “لو طلقها، أو مات عنها، فأخذت في العدة، ثم حصل لها ضرر في المكان الذي هي فيه، لا يمكنها المقام معه، فإنها تنتقل إلى غيره، والعذر: إما سقوطه، أو خوفها على نفسها، أو مالها؛ لأجل الجار السوء، أو لأجل انتقال جيرانها من حولها، ووجدت وحشة، وإذا انتقلت لعذر إلى المكان الثاني صار حكمه كالأول في لزومه” [شرح الخرشي:159/4].
فالواجب عليكِ أن تعتدّي في بيت الزوجية إلا إذا وقع عليكِ ضرر، وحصل شجار لا يمكنك البقاء معه، فلكِ أن تعتدي في بيت آخر، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الكوحة
غــيـث بــن مــحــمــود الــفــاخـــري
نائب مفتي عام ليبيا
29/ذو الحجة/1436هـ
13/أكتوبر/2015م