طلب فتوى
البيعالفتاوىالمعاملات

بيع أرض مغصوبة

بطلان بيع ما لا يملك

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4053)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

قام السيد (م) بشراء أرض من السيد (ع) سنة 2012م، وأنفق عليها مالًا، في إصلاحها وبناء مسكن عليها، وفي سنة 2016م ادعت بعض العوائل ملكيتها للأرض المغصوبة بقانون: (الأرض ليست ملكاً لأحدٍ)، علما أنه قد تم استخراج شهادة عقارية لمن استولى عليها في ذلك الوقت، وبعد اتضاح أنّ الأرض مغصوبة، تم التفاهم بالتراضي على دفع مبلغ مالي من قبل (م) لملاك الأرض.

السؤال: عرض (م) على (ع) دفع نصف القيمة التي دفعها لأصحاب الحق، وعرض (ع) عليه أن يتولى بيع الأرض، ومن ثم يدفع له الثمن الذي دفعه بالإضافة إلى المصاريف الأخرى التي تكلفها (م)؛ لأن البيع تبين بطلانه، فما الحكم؟

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فإن كان الحال كما ذكر، من ثبوت ملك من ادعى الأرض، فإن بائع الأرض بيعه باطل؛ لأنه باع ما لا يملك، ويجب على من آلت إليه هذه الأرض المغصوبة وبنى فيها – وهو السيد (م) – أن يسلمها لمالكها، ويأخذ قيمة بنائه قائما يوم الرد؛ لأنه بانٍ بشبهة، وإذا أجاز مالك الأرض البيع للسيد (م) صح البيع، بدفع الثمن الذي رضيه، لأنه حقه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلٍمٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) [شعب الإيمان: 5105]، وقال الدّردير رحمه الله: “(وَإِنْ بَنَى) ذُو الشُّبْهَةِ (أَوْ غَرَسَ) فَاسْتُحِقَّ (قِيلَ لِلْمَالِكِ) الَّذِي اسْتَحَقَّ الْأَرْضَ: (ادْفَعْ قِيمَتَهُ قَائِمًا) مُنْفَرِدًا عَنِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ رَبَّهُ بَنَاهُ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ (فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْبَانِي: ادْفَعْ) لِمُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ (قِيمَةَ الْأَرْضِ) بَرَاحًا” [الشرح الصغير: 3/622].

عليه؛ فالواجب الشرعي أن يرجع كل مشترٍ على من باع منه، إلى الغاصب، ويرد كل من أخذ ثمنًا نظير هذه الأرض لصاحبه؛ لأنه ثمن نظير أرض تبين أنها مستحقة لغيرهم، ويجوز أن يصطلحا على مبلغ هو نصف ما تحمله المشتري الأخير -وهو (م)- أو غير ذلك، إذا كان هناك رضًا تامًّا منه؛ لأنه صلح عن دين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الصُّلحُ جائِزٌ بينَ المُسْلِمِينَ إلَّا صُلحًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا، والمُسْلِمُونَ على شُروطِهمْ إلَّا شرطًا حرَّمَ حلالًا أوْ أحلَّ حرامًا) [الترمذي: 1352]، وأما طلب السيد (ع) بيع الأرض من جديد لبطلان البيع الأول، فلا حق له في هذا الطلب؛ لأن الملاك أجازوا بيعها لـ(م) بيعًا صحيحًا، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الدائم بن سليم الشوماني

حسن سالم الشّريف

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

04// ربيع الآخر// 1441 هجرية

01// 12// 2019م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق